لفلسفة تشريع الدين من المشرّع الخالق الإلهي الحكيم. ومن جهة اخرى ؛ ما هو إلّا إنكار لخاتميّة الرسالة المحمّديّة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكون «حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (١).
فإنّ تمام ما تمتاز به الشرائع السماويّة عن القوانين البشريّة الوضعيّة هو هذا التفاوت الجوهري الماهوي في أنّ القوانين الشرعيّة وليدة مقنّن حكيم عالم محيط ممثّل الكمال المطلق ، بل مبدأ الكمالات. بخلاف غيرها.
ومن الواضح أنّ ما يترشح عن مبدأ الكمال لا يمكن أن يكون ناقصا ، لمنافات ذلك لكماله وحكمته مع إحاطته بكلّ ما في متعلق أحكامه وموضوعاته ، وما تشريع الأديان إلّا لسدّ كلّ ما يفتقر إليه المكلّف في مقام العمل ، وجميع ما يحتاج إليه ليومه وغده مؤطّر بإطار هذه القوانين الشرعيّة.
ومن البين أنّ التغيير والتبديل ـ لو صحّ الإطلاق ـ يكون كاشفا عن نقصان وقصور المقنّن ـ والعياذ بالله ـ في أحكامه ، بل حاك عن جهله وعدم إحاطته ، لما يلزم أنّ المشرّع بعد صدور حكمه وإجراء قانونه قد أدرك عدم تطابق ذلك الحكم مع متطلّبات الإنسان واحتياجاته. وكأنّه بتقنينه القانون الجديد يحاول سدّ النقص الحاصل الذي جاءه في ما قرّره في قانونه السالف. وفساد هذا من الوضوح بمكان ، إذ لا يتلائم مع أساس التشريع ومقرّراته.
نعم ، وقوع مثل هذا طبيعى جدّا في القوانين الوضعيّة ، والتشريعات البشريّة التي تكون تابعة إلى تكامل ذلك القانون والمجتمع ورقيّه ، إذ عند ما يشعر المجتمع بأنّ القانون الحاكم غير واف بما يحتاجه ، ولا يحلّ مشاكله الفرديّة أو
__________________
(١) بصائر الدرجات : ١٤٨ الحديث ٧.