٣ ـ تضافر الروايات المعتبرة على حجّية الظواهر القرآنيّة ، بل كادت أن تكون متواترة لفظا فضلا عن كونها كذلك معنى.
وبالجملة ؛ لا نجد ثمّة عاقلا فضلا عن عالم متفقّه عدا الفقيه. ينكر دلالة أمثال قوله سبحانه وتعالى وصفا للقرآن (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (١) وكونه (نُوراً) و (هُدىً) و (تِبْياناً) ، وهو الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ولا رطبا ولا يابسا إلّا كان فيه ، بل كلّ ما يحتاجه البشر ، طبعا بالاستضاءة بنور الولاية والعترة الطاهرة عليهمالسلام المكمّلة للثقل الأكبر.
وإذا لم تكن دلالة أمثال هذا واضحة لما بقي لنا دليل ولا دلالة.
كما لا يفيد إنكار حجّية المدركات العقليّة التي عدّت في الشريعة الحجّة الباطنيّة : «وإن لله على الناس حجّتين.» (٢) ، «وإنما يداقّ الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا» (٣). وأمثال ذلك.
هذا من جهة ؛ ومن جهة اخرى نحن لا نريد بما قلناه إثبات قطعيّة صدور تمام الروايات الواردة عن طريق أهل بيت العصمة والطهارة عليهمالسلام ، بمعنى حجّية كلّ منقول ، كما ذهب إليه الأسترآبادى في قولته المشهورة : أحاديثنا كلّها قطعيّة الصدور عن المعصوم عليهمالسلام ، فلا نحتاج إلى ملاحظة سنده ؛. (٤) إذ فيه أوجه للمناقشة لا نودّ الخوض فيها ، والإسهاب في بيانها فعلا ، ويكفينا منها ما قاله شيخنا المعظم الوحيد ـ طاب ثراه ـ في رسالته «الاجتهاد والأخبار» (٥).
__________________
(١) النحل (١٦) : ٨٩.
(٢) الكافي : ١ / ١٦.
(٣) وسائل الشيعة : ١ / ٤٠ الحديث ٦٤.
(٤) الفوائد المدنيّة : ١٨١.
(٥) الرسائل الاصوليّة (الاجتهاد والأخبار) : ١٤٢ ١٥٦