الكناية إلى الفضة لأنها الأغلب والأعم وإلى التجارة لأنها الأفضل والأهم (... وَإِنَّها) واحد منهما ، أراد بأن كل خصلة منهما (لَكَبِيرَةٌ) وقيل : رد الكناية إلى كل واحد منهما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) (١) ولم يقل : آيتين ، أراد : جعلنا كل واحد منهما آية.
حسن من علم يزينه حلم |
|
ومن ناله قد فاز بالفرج |
أي من نال كل واحد منهما.
وقال آخر :
لكل همّ من الهموم سعة |
|
والمسى والصبح لا فلاح معه (٢) |
وقيل : ردّ الهاء الى الصلاة لأنّ الصبر داخل في الصلاة كقوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (٣) ولم يقل يرضوهما ؛ لأنّ رضا الرسول داخل في رضا الله ، فردّ الكناية إلى الله. وقال الشاعر وهو حسّان :
إنّ شرخ الشباب والشعر الأسود |
|
ما لم يعاص كان جنونا (٤) |
ولم يقل يعاصيا ردّه إلى الشباب ، لأن الشعر الأسود داخل فيه. وقال الحسين بن الفضل : ردّ الكناية إلى الاستعانة ، معناه : وأن الاستعانة بالصبر والصلاة لكبيرة ثقيلة شديدة (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) يعني المؤمنين ، وقال ابن عباس : يعني المصلّين. الوراق : العابدين المطيعين. مقاتل بن حيان : المتواضعين ، الحسن : الخائفين. قال الزجاج : الخاشع الذي يرى أثر الذل والخنوع عليه ، وكخشوع الدار بعد الإقواء ، هذا هو الأصل (٥).
وقال النابغة :
رماد ككحل العين ما أن تبينه |
|
ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع |
(الَّذِينَ يَظُنُّونَ) يعلمون ويستيقنون ، كقوله تعالى : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) (٦) أي أيقنت به.
وقال دريد بن الصمة :
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج |
|
سراتهم في الفارسي المسرّد (٧) |
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٥٠.
(٢) شرح الرضي على الكافية : ٤ / ٤٩٤ وفيه : لا بقاء معه.
(٣) سورة التوبة : ٦٢.
(٤) الصحاح : ١ / ٤٢٤.
(٥) تفسير القرطبي : ١ / ٣٧٤.
(٦) سورة الحاقة : ٢١.
(٧) الصحاح : ٦ / ٢١٦٠.