يعقوب ، قالت أمه : هو ابنك ، فادع له ، قال : قدم طعامك فقدّمه فأكل منه ، ثم قال : أدن مني ، فدنا منه ، فدعا له أن يجعل في ذريته الأنبياء والملوك. وقام يعقوب وجاء عيص فقال : قد جئتك بالصيد الذي أمرتني به. فقال : يا بني قد سبقك أخوك يعقوب ، فغضب عيص وقال : والله لأقتلنه ، قال : يا بني قد بقيت لك دعوة ، فهلم أدع لك بها ، فدعا له فقال : تكون ذريتك عددا كثيرا كالتراب ولا يملكهم أحد غيرهم ...] (١).
(اذْكُرُوا) ....
روى الشعبي عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والمحدث بنعمة الله شاكر وتاركها كافر ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب» [٨٤] (٢).
(نِعْمَتِيَ) أراد نعمي أعطها وهي واحد [بمعنى الجمع] وهو قوله تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (٣) والعدد لا يقع على الواحد.
(الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) أي على أجدادكم ، وذلك أن الله تعالى فلق لهم البحر وأنجاهم من فرعون وأهلك عدوّهم فأورثهم ديارهم وأموالهم ، وظلل (عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) في التيه من حر الشمس ، وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر ، وأنزل (عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) ، وفجّر لهم اثني عشرة عينا [وأنزل] (٤) عليهم التوراة فيها بيان كلّ شيء يحتاجون إليه في نعم من الله كثيرة لا تحصى.
(أَوْفُوا بِعَهْدِي) الذي عهدت إليكم (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أدخلكم الجنّة وأنجز لكم ما وعدتكم.
فقرأ الزهري : أوفّ بالتّشديد على التأكيد يقال : ووفّى وأوفى كلّها بمعنى [واحد] وأصلها الإتمام.
قال الكلبي : عهد الى بني إسرائيل على لسان موسى : إنّي باعث من بني إسماعيل نبيّا أميّا فمن اتّبعه [وآمن] (٥) به عفوت عن ذنبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين إثنين ، وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (٦) يعني أمر محمد صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) في المخطوط بياض وأكملنا القصة من تاريخ الطبري : ١ / ٢٤٤ ـ ٢٢٥.
(٢) مسند أحمد : ٤ / ٢٧٨ ؛ والشكر لله لابن أبي الدنيا : ٧.
(٣) سورة إبراهيم : ٣٤.
(٤) بياض في المخطوط وما أثبتناه هو الظاهر.
(٥) سقط في أصل المخطوط وما أثبتناه منا.
(٦) سورة آل عمران : ١٨٧.