قالَ شيْخُنا : هذا كَلامُ الزَّمْخَشري فإنَّه قالَ : هو افْتَعَلَ مِن القَتْوِ للخِدْمَةِ كارْعَوَى مِن الرّعْوِ ، قالَ : إلَّا أَنَّ فيه نَظَراً لأنَّ افْتَعَلَ لم يَجِىءْ متعدِّياً ، قالَ : والذي سَمِعْته اقْتَوَى إذا صارَ خادِماً.
قالَ شيْخُنا : هو مُوافِقٌ لكَلامِ الجماهيرِ إلَّا أنَّ في كَلامِهم نظراً مِن وَجْهَيْن : الأوّل : ادّعاؤُهم في اقْتَوَى أنّه افْتَعَلَ ، وإن جَزَمَ به جَميعُ مَنْ رأَيْناه مِن أَئِمَّة اللّغَةِ فإنَّه غيرُ ظاهِرٍ ، فإنَّ افْتَعَلَ التاءُ فيه زائِدَةٌ اتِّفاقاً ، والتاءُ في اقْتَوَى أَصْلِيّة لأنَّه مِنَ القَتْوِ ، فالتاءُ هي عَيْنه فوَزْنه في الظاهِرِ افْعَلَل كارْعَوَى من الرّعْوِ كما مَثَّلَ به الزَّمْخَشري ، والعَجَبُ كيفَ نَظرَه به وذلك ، افْعَلَل اتِّفاقاً ، وجَعَلَ اقْتَوَى افْتَعَلَ مع أنَّه مُصَرّحٌ بأنَّه مِن القَتْوِ وهو الخِدْمَةُ ، فهل هو إلَّا تَناقضٌ؟ لا يَتوَهَّمُ مُتوهِّمٌ أَنَّه افْتَعَلَ بوَجْهِ من الوُجُوهِ فتأَمَّله. فإِنِّي لم أَقِفْ لَهُم فيه على كَلامٍ محررٍ والصَّوابُ ما ذَكَرْته.
الثَّاني : بناؤُهم عليه أَنَّه افْتَعَلَ ، وأنَّ افْتَعَلَ لا يكونُ إلَّا لازِماً البَتَّة ، فإنَّ دَعْوَاهُم لُزومُه البَتَّة فيه نَظَرٌ. بل هو أغْلَبيّ فيه. قالَ الشيخُ أبو حيَّان في الارْتشافِ : أَكْثَر بِناءِ افْتَعَلَ مِن اللّازِمِ فدلَّ قوْلُه أَكْثَر على أَنَّه غالبٌ فيه أَكْثري لا أنَّه لازِمٌ له ، وصَرَّح بذلكَ غيرُهُ من أئمَّةِ الصَّرْف وقالوا : ابْتَنَى الشيءَ بَناهُ ، واقْتَفَى أَثَراً تَبِعَه ، واقْتَحاهُ : أَخَذَه ، واقْتَضاهُ : طَلَبَه ، كما مَرَّ ، ويأْتِي له وهو كثيرٌ في نَفْسِه كما في شُرُوحِ التَّسْهيل وغيرها اه (١).
* قُلْت : وقد صَرَّحَ ابنُ جنِّي بأَنَّ مَقْتَوٍ وَزْنُه مَفْعَلِلٍ ونَظْرَه بمرْعَوٍ ، ومن الصّحِيحِ المُدْغَم مُحْمَرٍّ ومُخْضَرٍّ وأَصْله مُقْتَوٌّ ومِثْلُه رجُلٌ مُغْزَوٍ ومُغْزَاوٍ ، وأَصْلُهما مَغْزَوٌّ ومُغْزاوٌّ ، والفِعْل اغْزَوَّ بَغزاوُّ (٢) كاحْمرَّ واحْمَارَّ.
والكُوفيونَ يُصَححونَ ويدْغِمُون ولا يُعِلّونَ ، والدليل على فساد مذهبِهم قول العرب : ارْعَوَى ولم يقولوا ارْعَوَّ هذا كلام ابن جني نقله ابن سيده ، فحيث ثبت هذا فالأَولى أن يقال ، لأنَّ هذا البناءَ لازِمٌ البَتَّة ، أَي بِناء افْعَلل لا افْتَعَل ، وكَوْن بِناءُ افْعَلل لازِماً البَتَّة لا شَكّ فيه باتِّفاقِ أَئِمَّةِ الصَّرْف ، وبه يَرْتَفِعُ الإشْكالُ عن عِبارَةِ المصنَّفِ.
وأَمَّا إذا كانَ اقْتَوَى افْتَعَل فهو من بِناءِ قوي لا قتو ، فتأَمَّل ذلك ترشد ، و (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ).
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
يقالُ : اقْتَوَيْت من فُلانٍ الغَلامَ الذي بَيْنَنا : أَي اشْتَرَيْت حصَّتَه ، نقلَهُ الزَّمْخَشري.
[قثو] : والقَثْوُ : أَهْمَلهُ الجَوْهرِي.
وقالَ الأعْرابي : هو جَمْعُ المالِ وغيرِه ، كالاقْتِثاءِ.
يقالُ : قَثاهُ واقْتَثاهُ وجَثَاهُ واجْتَثاهُ وقَباهُ وعَباهُ وجَباهُ ، كُلّه ضَمَّه إليه ضمًّا.
وقالَ أَيْضاً : القَثْوُ أَكْلُ القَثَدِ والكُزْبَرَةِ ، كذا في النُّسخِ والصَّوابُ الكِرْبزِ كزِبْرِجٍ ، كما هو نَصّ التَّهذِيبِ ، قالَ : فالقَثَدُ : الخِيارُ ، والكِرْبِز : القُثَّاءُ الصِغارُ (٣).
والقَثْوَى ، كسَكْرَى : الاجْتماعُ.
والقَثَا ، كقَفَا أَكْلُ (٤) ما لَهُ صَوْتٌ تَحْتَ الأضْراسِ ، عن المطرز ، كالخِيارِ وشِبْهِه.
وأَلِفُ القُثَّاء عن واوٍ بدَلِيل القَثْوِ ، أَو عن ياءٍ.
[قثى] : ي القَثَى (٥) ، بالفَتْح : أهْمَلَهُ الجَوْهرِي.
وقالَ الأزْهرِي : هو القَثْوُ بمَعانِيه. يقالُ : قَثاهُ قَثْواً وقَثْياً ، قالَهُ ابنُ الأعْرابي.
[قحو] : والأُقْحُوان ، بالضمِّ : البابُونَجُ عنْدَ العَجَمِ ، وهو القُرَّاصُ عنْدَ العَرَبِ.
__________________
(١) بالأصل بتشديد الواو في اللفظتين ، وتبعنا ضبط اللسان فيهما.
(٢) كذا بالأصل تبعاً للسان وكتب مصححه : كذا بالأصل والمحكم ولعله : اغزوّ واغزاوّ.
(٣) في التهذيب : «الكبار» ومثله في اللسان.
(٤) كذا بالأصل والتكملة والقاموس وعلى هامشه كتب مصححه : كذا في النسخ ، وصوابه : كل ما له الخ اه شارح.
(٥) على هامش القاموس : قوله القثى ، بالمثلثة ، جعله الشارح مقصوراً ، وعاصم بوزن مرادفه ، فليحرر اه.