نَفْسُ «ض ر ب» ، إنَّما تَمَّ أَحْداثُ هذه الحُروفِ دالَّةٌ عليها ، وكذلكَ القَتْلُ والشَّتْمُ والإكْرامُ ونحوُ ذلك ، وقولُك أُنادِي عبدَ اللهِ وأُكْرِمَ عبدَ اللهِ ليسَ هنا فعلٌ واقعٌ على عبدِ اللهِ غَيْر هذا اللفْظِ ، ويا نفسُها في المَعْنى كأَدْعُو ، أَلا تَرى أَنَّك إنَّما تَذْكُر بعْدَ يا اسْماً واحِداً ، كما تذْكُره بعْدَ الفَعْلِ المُسْتَقلِّ (١) بفاعِلِه ، إذا كانَ متعدِّياً إلى واحِدٍ كضَرَبْت زَيْداً؟ وليسَ كذلكَ حرفُ الاسْتهفهام وحرفُ النَّفْي ، وإنَّما تُدْخِلُها على الجُمْلةِ المُسْتَقلةِ ، فتقول : ما قامَ زَيْدٌ وهل زيدٌ أَخُوكَ ، فلما قَوِيَتْ يا في نَفْسِها وأَوْغَلَتْ في شَبَهِ الفِعْل تولَّتْ بنفْسِها العَمَلَ ، انتَهَى.
وفي التهذيبِ : ولِليَاءاتِ أَلْقابٌ تُعْرَفُ بها كأَلْقابِ الألِفاتِ ، فمنها :
ياءُ التَّأْنيثِ : تكونُ في الأفْعالِ وفي الأسْماءِ ، ففي الأفْعالِ كاضْرِبي وتَضْرِبينَ ولم تَضْرِبي ، وهذا القسْمُ قد ذَكَرَه المصنِّفُ في أَوَّلِ التَّرْكيبِ ومَثَّلَ هُنا بتَقُومِين وقومِي وهُما واحِدٌ ، وهذا غَيْرُ مَقْبولٍ عنْدَ أَرْبابِ التَّصْنيفِ لا سيَّما عنْدَ مُراعاةِ الاخْتِصارِ منهم ؛ وفي الأسماءِ مِثْل يا* حُبْلَى وعَطْشَى وجمادى (٢) ، يقالُ : هُما حُبْلَيانِ وَعطْشَيانِ وجُمادَيانِ وما أَشْبهها ؛ ومِن هذا القسْم ياءُ ذِكْرَى ويسمى (٣).
ومنها : ياءُ التَّثْنيةِ وياءُ الجَمْعِ ، كقولك : رأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ والزَّيدِين ، ورأَيْتُ الصالِحَيْن والصَّالِحِينَ والمُسْلِمَيْن والمُسْلِمِين.
ومنها : ياءُ الصِّلَةِ في القَوافِي ، كقوله :
يا دَارَ مَيَّة بالعَلْياءِ فالسَّنَدِي (٤)
فوَصَلَ كَسْرة الدالِ بالياءِ ، والخليلُ يُسَمِّيها ياءَ التَّرنُّم يَمْدُّ بها القوافِي ، والعربُ تَصِلُ الكَسْرةَ بالياءِ ، أَنْشَدَ الفرَّاء :
لا عَهْدَ لي بنِيضالِ |
|
أَصْبَحْتُ كالشَّنِّ البالِي |
أَرادَ : بنِضالِ ؛ وقالَ :
على عَجَلٍ منِّي أُطَأْطِيءُ شِيمالي
أَرَادَ شِمالي فَوَصَلَ الكَسْرةَ بالياءِ.
ومنها : ياءُ المُحَوَّلَةِ كالمِيزانِ والميعادِ وقيلَ : ودُعِيَ ومُحِيَ في الأصْلِ واوٌ فقُلِبَتْ ياءً لكَسْرةِ ما قبْلَها.
ومنها : ياءُ الاسْتِنْكارِ : كقولِ المُسْتَنْكِرِ : أَبِحَسَنيهِ ؛ كذا في النسخِ وفي بعضِها ألْحَسَنيهِ ؛ للقائِلِ مَرَرْتُ بالحَسَنِ ، فمدَّ النونَ بياءٍ وأَلْحَقَ بها هاءَ الوَقْفِ ؛ وهذا القسْمُ أَيْضاً قد مَرَّ للمصنِّفِ في أَوَّلِ التركيبِ وجَعَلَه هناك حَرْفَ إنْكارٍ ومثَّلَه بأَزَيْدنِيهِ وهُما واحِدٌ ففيه تِكْرارٌ لا يِخْفى.
ومنها : ياءُ التَّعابِي ، كقولك : مَرَرْتُ بالحَسَني ثم تقولُ أَخي بَني فلانٍ ، وقد فُسِّرتْ في الألفاتِ.
ومنها : ياءُ المُنادَى ، كنِدائِهم : يا بِّشْر ، يمدُّونَ أَلفَ يا ويُشَدِّدونَ باءَ بشْر ومنهم مَنْ يمدُّ الكَسْرةَ حتى تَصِيرَ ياءً فيقولُ يا بيشْر فيَجْمَع بينَ ساكِنَيْن ، ويقولون : يا مُنْذير ويُريدُون يا مُنْذِر ، ومنهم مَنْ يقولُ يا بِشِير بِكَسْرِ الشِّين ويتبعُها الياءَ يمدُّها بها ، كلُّ ذلكَ قد يقالُ.
ومنها : الياءُ الفاصِلَةُ في الأبْنِيةِ ، مثلُ ياء صَيْقَلٍ ، وياء بَيْطارٍ وعَيْهرةٍ وما أَشْبَهها.
ومنها : ياءُ الهَمْزةِ في الخَطِّ مَرَّةً ، وفي اللّفْظِ أُخْرى ؛ فأَمَّا الخَطّ فمِثْلُ ياء قائِمٍ وسائِلٍ صُوِّرَتِ الهَمْزةُ ياءً وكذلكَ مِن شُرَكائِهم وأُولئِكَ وما أَشْبهها ؛ وأَمَّا اللّفْظ فقولُهم في جَمْع الخَطِيئةِ خَطَايا ، وفي جَمْع المِرآةِ مَرَايا ، اجْتَمَعَتْ لهم هَمْزتانِ فكَتَبُوهُما وجَعَلوا إحْدَاهما أَلفاً.
ومنها : ياءُ التَّصْغيرِ ، كقولك في تَصْغيرِ عمر (٥) عُمَيْر ، وفي تَصْغيرِ رَجُل رُجَيل ، وفي تَصْغيرِ ذَاذَيَّا ، وفي تَصْغيرِ شَيْخ شُوَيْخ (٦).
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «المستقبل».
(*) بالقاموس : «ياء» بدل : يا.
(٢) لفظة «وجمادى» ليست في القاموس ، وقد اعتبرها الشارح منه سهواً أو خطأ من الناسخ.
(٣) في القاموس : «وسِيمَى» وفي التهذيب : سيما.
(٤) اللسان والتهذيب.
(٥) في اللسان والتهذيب : «عمرو».
(٦) في التهذيب : شُيَيْخ.