قال : يَصِلُونَ الهاءَ بألفٍ تَطْويلاً للصَّوْتِ ؛ قالَ : وأَهْلُ الحجازِ يقولون في مَوْضِع لَبَّى في الإجَابِة لَبَى خَفِيفَةً.
* قُلْت : وهي الآنَ لُغَةُ العَجَمِ قاطِبَةً.
وها : تكونُ اسْماً لفِعْلٍ وهو خُذْ ، وتُمَدُّ ، ومنه حديثُ الرِّبا : «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذهب إِلَّا هاءَ وهاءَ» ؛ قال بعضُهم : هو أَنْ يَقُولَ كلُّ واحِدٍ مِن البائِعَيْن هاءَ أَي خُذْ فيُعْطِيه ما في يَدِه ثم يَفْتَرِقانِ ، وقيلَ : مَعْناه هاكَ وهاتِ ، أَي خُذْ وأَعْطِ. وقالَ الأزْهري : إلَّا هاءَ وهاءَ ، أَي إلَّا يداً بيَدٍ يَعْني مُقابَضَةً في المَجْلِسِ والأصْلُ فيه هاكَ وهاتِ.
وقال الخطابي : أَصْحابُ الحديثِ يَرْوُونه ها وها ، ساكِنَةَ الألِفِ ، والصَّوابُ مَدُّها وفَتْحُها لأنَّ أَصْلَها هاكَ ، أَي خُذْ فحُذِفَ الكافُ وعُوِّضَ منها المَدَّة والهَمْزة ، وغَيْر الخطابي يُجِيزُ فيها السكونَ على حَذْفِ العِوَضِ وتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ ها التي للتَّنْبيهِ.
ويُسْتَعْملانِ بكافِ الخِطابِ ، يقالُ : هَاكَ وهاءَكَ ؛ قال الكِسائي : مِن العَرَبِ مَنْ يقولُ : هاكَ يا رَجُل ، وهاكُما هذا يا رَجُلانِ ، وهاكُم هذا يا رِجالُ ، وهاكِ هذا يا امْرأَةُ ، وهاكُما هذا يا امْرأَتانِ ، وهاكُنَّ يا نِسْوةُ.
قال الأزْهرِي : قال سِيبَوَيْه : في كَلامِ العربِ هاءَ وهاءَك بمنْزِلَةِ حَيَّهَلَ وحَيَّهَلَكَ ، وكقولِهم النَّجاءَكَ ، قال : وهذه الكافُ لم تَجِىءْ عَلَماً للمَأْمُورِينَ والمَنْهِيِّينَ والمُضْمَرِينَ ، ولو كانتْ عَلَماً للمُضْمَرِينَ لكانتُ خَطَأً لأنَّ المُضْمَرَ هنا فاعِلُونَ ، وعلامَةُ الفاعِلِين الواوُ كقولكِ : افْعَلُوا ، وإنَّما هذه الكافُ تَخْصِيص وتَوْكَيد وليسَتْ باسْمٍ ، ولو كانتْ اسْماً لكانَ النَّجاءَكُ (١) مُحالاً لأنَّكَ لا تُضِيفُ فيه أَلِفاً ولاماً ، قال : وكَذلكَ كافُ ذلكَ ليسَ باسْم.
ويجوزُ في المَمْدودَةِ أَنْ يُسْتَغْنَى عن الكافِ بِتَصْريفِ هَمْزتِها تَصارِيفَ الكافِ ، وفيها لُغاتٌ : قالَ أَبو زيْدٍ : تقولُ هاءَ يا رَجُل للمُذَكَّر ، وهاءِ يا امْرأَةُ للمُؤَنَّثِ ، في الأوَّل بفَتْح الهَمْزةِ ، وفي الثاني بكسْرِها مِن غَيْر ياءٍ. قال ابنُ السِّكيت : ويقالُ : هاؤُمَا يا رَجُلانِ ، وهاؤُنْ (٢) يا نِسْوةُ ، وهاؤُمْ يا رِجالُ ؛ ومنه قوله تعالى : هاؤُمُ اقْرَؤُا (كِتابِيَهْ) (٣). قالَ اللّيْثُ قد تَجِيءُ الهاءُ خَلَفاً مِن الألِفِ التي تُبْنَى للقَطْعِ ، قال الله ، عزوجل : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) ؛ جاءَ في التَّفْسيرِ أنَّ الرجُلَ مِن المُؤْمِنِين يُعْطَى كِتابه بيَمِينِه ، فإذا قَرَأَهُ رَأَى فيه تَبْشِيرَه بالجنَّةِ فيُعْطِيه أَصْحابَهُ فيقولُ : هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِي ، أَي خُذُوه واقْرَؤُوا ما فيه لتَعْلَمُوا فَوْزِي بالجنَّةِ ، يدلُّ على ذلكَ قولهُ : (إِنِّي ظَنَنْتُ) (٤) ، أَي عَلِمْتُ (أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٤) وقال أَبو زيْدٍ : يقالُ في التَّثْنيةِ هائِيا في اللُّغَتَين جَميعاً ، وهاؤُنَّ يا نِسْوةُ ؛ ولُغَة ثانِيَة : هاء يا رَجُلُ ، وهاآ بمنْزِلَةِ هاعَا ، وللجَمِيعِ هاؤُوا ، وللمرأَةِ هائِي ، وللثِّنْتَيْن هائِيا ، وللجَمِيعِ هائِينَ ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ :
قُومُوا فهاؤُوا الحَقَّ تَنْزِلْ عِنْدَه |
|
إذْ لم يَكُنْ لَكُم عَلَيْنا مَفْخَرُ (٥) |
وقال أَبو حزام ، العكْلِي :
فهاؤا مضابئة لم تؤل
وقد ذُكِرَ في ضبأ.
الثَّاني : تكونُ ضميراً للمُؤَنَّثِ فتُسْتَعْملُ مَجْرورَةَ المَوْضِعِ ومَنْصوبَتَه نحوُ قوله تعالى : فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٦) فالضميرُ في (فَأَلْهَمَها) مَنْصوبُ الموضِع ، وفي (فُجُورَها وَتَقْواها) مَجْرورُه.
الثَّالثُ : تكونُ للتَّنْبيهِ فَتَدْخُلُ على أَرْبعةٍ :
* أَحَدُها : الإشارَةُ غيرُ المُخْتَصَّةِ بالبعيدِ كهذَا بخِلافِ ثُمَّ وهُنَّا ، بالتَّشْديدِ ، وهُنالِكَ.
* الثَّاني : ضميرُ الرَّفْعِ المُخْبَرُ عنه باسْمِ الإشارَةِ نحوُ : ها أَنْتُمْ أُولاءِ (تُحِبُّونَهُمْ) (٧) ، و (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ
__________________
(١) في اللسان : النجاك.
(٢) ضبطت في التهذيب ومغني اللبيب بتشديد النون.
(٣) سورة الحاقة ، الآية ١٩.
(٤) سورة الحاقة ، الآيتان ٢٠ ـ ٢١.
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) سورة الشمس ، الآية ٨.
(٧) سورة آل عمران ، الآية ١١٩.