وقال اللّحْيانيّ : يقالُ : تَيَّيْتُ تاءً حَسَنَةً ، أَي كَتَبْتُها ، وهي مِن حُروفِ الزِّيادَات.
والتَّاءُ المُفْردَةُ محرَّكةٌ في أَوائِلِ الأسْماءِ ، وفي أَواخِرِها وفي أَواخِرِ الأفْعالِ ، ومُسَكَّنَةٌ في أَواخِراها.
والمُحرَّكةُ في أَوائِلِ الأسْماءِ حَرْفُ جرِّ للقَسَم ، وهي بدلٌ من الواوِ كما أَبْدَلُوا منها في تَتْرى وتُراثٍ وتُجاهٍ وتُخمَةٍ ، والواوُ بدلٌ مِن الباءِ ولا يَظْهَرُ معها الفِعْلُ كما تقدَّمَ ؛ وتَخْتَصُّ (١) بالتَّعَجُّبِ ، ، وباسْمِ الله تعالى على الصَّحِيح تقولُ : الله لأَفْعَلَنَّ كذا ؛ ورُبَّما قالوا تَرَبِّي ، وتَرَبِّ الكَعْبةِ ، وتالرَّحْمنِ ، رُوِي ذلكَ عن الأَخْفَش وهو شاذٌّ والمُحرَّكةُ في أَواخِرِها حَرْفُ خِطَابٍ : كأَنْتَ وأَنْتِ للمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ ، إنْ خاطَبْتَ مُذكّراً فَتَحْتَ وإن خاطَبْتَ مُؤنَّثاً كَسَرْتَ. والمُحرَّكةُ في أَواخِرِ الأفْعالِ ضَمِيرٌ : كقُمْتُ أَنا.
والسَّاكِنَةُ في أَواخرِها : عَلامَةٌ للتَّأْنيثِ : كقامَتْ.
قال الجَوْهرِي : وقد تُزادُ التَّاءُ للمُؤنَّثِ في أَوَّلِ المُسْتَقْبل وفي آخرِ الماضِي تقولُ : هي تَفْعَل وفَعَلَتْ ، فإن تَأَخَّرت عن الاسْمِ كانتْ ضَمِيراً ، وإن تقدَّمَتْ كانت عَلامَةً.
قال ابنُ برِّي : تاءُ التَّأْنيثِ لا تَخْرجُ عن أنْ تكونَ حَرْفاً تأخَّرَتْ أَو تقدَّمَت.
ثم قال الجَوْهرِي : وقد تكونُ ضَمِيرَ الفاعِل في قولك : فَعَلْتُ يَسْتَوِي فيه المُذكَّرُ والمُؤنَّثِ ، فإن خاطَبْتَ مُذَكّراً فَتَحْتَ وإن خاطَبْتَ مُؤنَّثاً كَسَرْتَ.
ورُبَّما وُصِلَتْ بثُمَّ ورُبَّ يقللُ ثَمَّتَ وربَّتَ ، والأكْثَرُ تَحْرِيكُها مَعَهُما بالفتحِ يقالُ ثَمَّتَ ورَبَّتَ ، وقد ذُكِرَ كلٌّ منهما في مَوْضِعه.
وتا : اسْمٌ يُشارُ به إلى المُؤَنَّثِ مِثْلُ ذَا للمُذَكَّرِ ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِي للنَّابغَةِ :
ها إنَّ تا عِذْرَةٌ إلّا تَكُنْ نَفَعَتْ |
|
فإنَّ صاحِبَها قَدْ تَاهَ في البَلَدِ (٢) |
فقولُه : تا إشارَة إلى القَصِيدَةِ ، والعِذْرَةُ ، والعِذْرَةُ ، بالكسر : اسْمٌ مِن الاعْتِذارِ ، وتَاهَ : تحيَّرَ ، والبَلَدُ : المَفازَةُ ، وكان النابغَةُ قد هَجَا النُّعْمانَ فاعْتَذَرَ إليه بهذه.
وتِهْ : للمُؤَنَّثِ ، وذِهْ : للمُذَكَّرِ ، وتانِ : للتَّثْنِيَةِ ، وأُلاءُ (٣) ، كغُرابٍ : للجَمْعِ. وتَصْغيرْ تا : تَيَّا ، بالفَتْح والتَّشْديدِ ، لأنَّكَ قَلَبْتَ الألِفَ ياءً وأَدْغَمْتها في ياءِ التَّصْغيرِ ؛ قالَهُ الجَوْهرِي.
قالَ ابنُ برِّي : صَوابُه وأَدْغَمْت ياءَ التَّصْغيرِ فيها ، لأنَّ ياءَ التَّصْغيرِ لا تتحرَّكُ أَبَداً ، فالياءُ الأُولى في تَيَّا هي ياءُ التَّصْغيرِ وقد حُذِفَتْ مِن قَبْلها ياءٌ هي عَيْنُ الفِعْل ، وأَمَّا الياءُ المُجاورَةُ للألِفِ فهي لامُ الكَلمةِ ، انتَهَى.
وفي الحديثِ : «إنَّ عُمَر رأَى جارِيَةً مَهْزولَةً فقال : مَنْ يَعْرفُ تَيَّا؟ فقال له ابْنُه : هي والله إحْدى بَناتِك».
قالَ ابنُ الأثير : تَيَّا تَصْغيرْ تا ، وهي اسْمُ إشارَةٍ للمُؤنَّثِ ، وإنَّما جاءَ بها مُصَغَّرةً تَصْغيراً لأمْرِها ، والألِفُ في آخرِها عَلامَةُ التّصْغيرِ وليسَتْ التي في مكبرِها. ومنه قولُ بعضِ السَّلف : وأَخَذَ تِبْنةً مِن الأرضِ فقالَ تَيَّا مِن التَّوفيقِ خيرٌ مِن كذا وكذا مِن العَمَلِ ، انتَهَى.
وقال اللّيْث : وإنّما صارَ تَصْغير تِهِ وذِهِ وما فيها مِن اللُّغاتِ تَيَّا لأنَّ كَلمةَ التاءِ والذالِ مِن تِهِ وذِه كلُّ واحِدَةٍ هي نَفْسٌ وما لَحِقَها مِن بَعْدها فإنَّه عِمادٌ للتاءِ لكي يَنْطقُ به اللِّسانُ ، فلمَّا صُغِّرت لم تَجِد ياءُ التَّصْغيرِ حَرْفَيْن مِن أَصْلِ البِناءِ تَجِيءُ بعْدَهما كما جاءَتْ في سُعَيْدٍ وعُمَيْرٍ ، ولكنَّها وقَعَتْ بعْدَ التاءِ فجاءَتْ بَعْدَ فَتْحةٍ ، والحَرْف الذي قَبْل ياءِ التَّصْغيرِ بجَنْبها لا يكونُ إلَّا مَفْتوحاً ، ووقَعَتِ التاءُ إلى جَنْبها فانْتَصَبَتْ وصارَ ما بعْدَها قُوَّة لَها ، ولا يَنْضم قَبْلها شيءٌ لأنه ليسَ قَبْلها حَرْفانِ ، وجميعُ التَّصْغيرِ صدْرُه مَضْمومٌ والحَرْف الثاني مَنْصوبٌ ثم بعْدَهما ياءُ التَّصْغيرِ ، ومَنَعهم أن يرْفَعُوا التاءَ التي في التَّصْغيرِ أنَّ هذه الحُروفَ دَخَلَتْ عماداً للِّسانِ في آخرِ الكَلِمةِ فصارَتِ التاءُ التي قَبْلها في غيْرِ مَوْضِعِها ، لأنَّها قُلِبت (٤) للِّسانِ عماداً ، فإذا
__________________
(١) في القاموس : «ويَخْتَصُّ» والمثبت كعبارة مغني اللبيب ص ١٥٧ ط دار الفكر بيروت.
(٢) ديوان الذبياني صنعة ابن السكيت ، ط دار الفكر بيروت ص ٢٦ ، واللسان والصحاح والتهذيب (التاء ١٤ / ٣٤٦).
(٣) في القاموس : «وأُولاءِ» كالصحاح.
(٤) في التهذيب «بنيت» وكتب مصححه : ولعلها «جلبت».