وقَعَت في الحَشْو لم تَكُنْ عِماداً ، وهي في تَيَّا الألِف التي كَانتْ في ذَا ، انتَهَى.
وقال المبرِّدُ : هذه الأسْماءُ المُبْهمةُ مُخالِفةٌ لغيرِها في مَعْناها وكَثيرٍ مِن لَفْظِها ، فمِن خِلافِها في المعنى وُقُوعها في كلَّما أَوْمَأْت إليه ، وأَمَّا مُخالَفَتها في اللّفْظِ فإنَّها يكونُ منها الاسْمُ على حَرْفَيْن : أَحَدُهما حرفُ لِينٍ نحو : ذَا وتَا ، فلمَّا صُغِّرت هذه الأسْماءُ خُولِفَ بها جِهةَ التَّصْغيرِ فلا يعربُ المُصغَّرُ منها ولا يكونُ على تَصْغيرِه دليلٌ ، وأُلْحقت أَلِفٌ في أَواخرِها تدلُّ على ما كانتْ تدلُّ عليه الضمَّة في غيرِ المُبْهمةِ ، أَلا تَرى أنَّ كلَّ اسْمٍ تُصَغِّره من غيرِ المُبْهمةِ تَضمُّ أَوَّله نحو فُلَيْسٍ ودُرَيْهِمٍ؟ وتقولُ في تَصْغيرِ ذَا ذَيَّا ، وفي تا تَيَّا ، انتَهَى.
ويقال : تَيَّاكَ وتَيَّالِكَ ، ويَدْخُلُ عليها هاء* فيُقالُ ؛ ونَصُّ الصِّحاح : ولَكَ أَنْ تُدْخِلَ عليها ها التَّنْبيهِ فتقولَ ؛ هاتا هنْد ، وهاتانِ وهَؤُلاء ، والتَّصْغيرُ هاتَيَّا ؛ فإنْ خُوطِبَ بها جاءَ الكافُ فقيلَ : تِيكَ وتاكَ وتِلْكَ وتَلْكَ ، بالكسر وبالفتح ، الأخيرَةُ رَدِيئَةٌ (١) ، قالَهُ الجَوْهرِي ؛ وللتَّثْنِيَةِ : تالِكَ وتانِكَ ، وتُشدَّدُ النّون ؛ وعلى التَّشْديدِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي ، قالَ : والجَمْعُ : أُولئِكَ وأُلاكَ وأُلالِكَ (٢) ، فالكافُ لمَنْ تخاطِبُه في التَّذْكيرِ والتَّأْنيثِ والتَّثْنِيةِ والجَمْع ، وما قَبْلَ الكافِ لمَنْ تُشِيرُ إليه في التَّذْكيرِ والتَّأْنيثِ والتَّثْنيةِ والجَمْع وتَدْخُلُ الهاءُ على تِيكَ وتَاكَ فيُقالُ هاتاكَ (٣) هِنْدٌ وهاتِيكَ هِنْدٌ ؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي لعبيدٍ يَصِفُ ناقَةً :
هاتِيكَ تَحْمِلُني وأَبْيَضَ صارِماً |
|
ومُذَرّباً في مارِنٍ مَحْمُوسِ (٤) |
وقال أَبو النجم :
جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِيكَا |
|
فافْعَلْ بِنا هاتاكَ أَو هاتِيكَا (٥) |
أي هذه أَو تِلْك تَحِيَّةً أَو عَطِيَّةً ، ولا تَدْخُلُ ها على تِلْكَ لأنَّهم جَعَلُوا اللامَ عِوَضاً مِن ها التَّنْبيهِ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
قال ابنُ برِّي : إنَّما امْتَنَعُوا مِن دُخولِ ها التَّنْبيهِ على ذَلكَ وتِلْكَ مِن جهَةِ أنَّ اللامَ تدلُّ على بُعْدِ المُشار إليه ، وها التَّنْبِيه تدلُّ على قُرْبِه فَتَنافَيَا وتَضادَّا.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
التاءُ تَدْخُلُ على أَوَّل المُضارع تقولُ : أَنْتَ تَفْعَل.
وتَدْخُلُ في أَمْرِ الغائِبَةِ تقولُ : لتَقُم هِنْدٌ ورُبَّما أَدْخَلوها في أَمْرِ المُخاطَبِ ، كقوله تعالى : فبذلكَ فَلْتَفْرَحُوا (٦) ، وقال الراجزُ :
قُلْتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها |
|
تِيذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها (٧) |
أَرادَ لتَأْذَنَ فحذَفَ اللامَ وكَسَر التاءَ على لُغَةِ مَنْ يقولُ : أَنْتَ تِعْلَم ؛ وتُدْخلُها أَيْضاً في أمْرِ ما لم يُسَمَّ فاعِله فتقول : من زُهِيَ : لتُزْهَ يا رَجُل ، ولتُعْنَ بحاجَتِي. قالَ الأَخْفَش : إدْخالُ اللامِ في أَمْرِ المُخاطَبِ لُغَةٌ رَدِيئةٌ للاسْتِغناءِ عنها.
وتَالِكَ : لُغَةٌ في تِلْكَ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكيت للقُطامي يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٍ ، عليهالسلام :
وعامَتْ وهْيَ قاصِدَةٌ بإذْنٍ |
|
ولَوْلا الله جارَ بها الجَوارُ |
__________________
(*) الهمزة (ء) ليست من القاموس.
(١) في القاموس : «رَدِيَّةٌ» بدون همز.
(٢) في القاموس : وأُولاكَ وأولالِكَ.
(٣) في القاموس : هاتِيكَ وهاتاكَ.
(٤) ديوان عبيد بن الأبرص ط بيروت ص ٧٩ برواية :
ومحرباً في مارن مخموس
والمثبت كاللسان والصحاح وفيهما «مخموس».
(٥) اللسان والصحاح والتكملة ، قال الصاغاني وبين المشطورين أربعة مشاطير وهي :
من نائل الله الذي يعصيكا |
|
بارك رب العالمين فيك |
وفي بنيك وبني أبيكا |
|
ثويت حتى كدت استحيكا |
(٦) سورة يونس ، الآية ٥٨ وفيها «فَلْيَفْرَحُوا».
(٧) اللسان والصحاح.