فَلَيْتَ لي بِهمُ قَوْماً إذا ركِبُوا |
|
شَنُّوا الإغارَة رُكْباناً وفُرْساناً (١) |
أَي بَدَلاً بهم.
وفي اللُّباب : وللبَدَل ، والتَّجْريدِ ، نحو : اعْتضْتُ بهذا الثَّوْبِ خَيْراً منه ، وهذا بذاكَ ، ولَقِيتُ بزَيْدٍ بَحْراً.
وللمُقابَلَةِ ، كقولهم : اشْتَرَيْتُه بألْفٍ وكافَيْتُه بضِعْفِ إحْسانِه ؛ الأَوْلى أنْ يقولَ : كافَيْتُ إحْسانَه بضِعْفٍ ؛ ومنه قوله تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢) ؛ قالَ البَدْرُ القرافي في حاشِيَتِه : وليسَتْ للسَّببية كما قالَتْهُ المُعْتزلَةُ لأنَّ المُسَبّبَ لا يُوجَدُ بِلا سَبَبِه ، وما يُعْطَى بمُقابَلَةٍ وعوضٍ قد يُعْطى بغَيْرِه مجاناً تَفَضُّلاً وإحْساناً فلا تَعارض بينَ الآيَةِ والحديثِ الذي تقدَّمَ في السَّبَبِيَّةِ جَمْعاً بينَ الأدِلَّةِ ، فالباءُ في الحديثِ سَبَبِيَّةٌ ، وفي الآيَةِ للمُقابَلَةِ ؛ ونقلَهُ شيْخُنا أيْضاً هكذا.
وللمُجاوَزَةِ كعَنْ ، وقيلَ تَخْتَصُّ بالسُّؤالِ كقوله تعالى : فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٣) ، أَي عنه يُخْبرْكَ ؛ وقوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (٤) ، أَي عن عَذَابٍ ، قالَهُ ابنُ الأعْرابي ، ومنه قولُ عَلْقَمة :
فإنْ تَسْأَلُوني بالنِّساءِ فإنَّني |
|
بَصِيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ (٥) |
أَي عن النِّساءِ ؛ قالَهُ أَبو عبيدٍ. أَو لا تَخْتَصُّ به ، نحوُ قوله تعالى : وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ (٦) ، أَي عن الغَمَامِ ، وكذا قوله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) (٧) ، أَي عنه ؛ وقوله تعالى : ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٨) ، أَي ما خَدَعَكَ عن رَبِّك والإيمانِ به ؛ وكَذلكَ قوله تعالى : وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٩) ، أَي خَدَعَكُم عن الله تعالى والإيمانِ به والطّاعَةِ له الشَّيْطَان.
وللاسْتِعلاءِ ، بمعْنَى على ، كقوله تعالى : ومنهم مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ (١٠) ، أَي على قِنْطارٍ ، كما تُوضَعُ على مَوْضِعَ الباءِ في قولِ الشَّاعرِ :
إذا رَضِيَتْ عليَّ بنُو قُشَيْرٍ |
|
لَعَمْرُ الله أَعْجَبَني رِضاها! (١١) |
أَي رَضِيَتْ بي ؛ قالَهُ الجَوْهري.
وكَذلكَ قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) (١٢) ، بدَليلِ قوله : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ) (١٣) ؛ ومنه قولُ الشاعرِ :
أربٌّ يبولُ الثّعْلبان برأْسِه |
|
لقد ذلَّ مَنْ بالَتْ عليه الثَّعالِبُ (١٤) |
وكَذلكَ قولهم : زَيْدٌ بالسَّطْح ، أَي عليه ؛ وقوله تعالى : (لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ) (١٥) ، أَي عليهم.
وللتَّبْعيضِ ، بمعْنَى مِنْ ، كقوله تعالى : عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ (١٦) ، أَي منها ؛ ومنه قولُ الشاعرِ :
شربْنَ بماءِ البَحْرِ ثم تَرَفَّعَتْ (١٧)
وقولُ الآخرِ :
__________________
(١) من شواهد القاموس ، والشاهد ١٥٥ في مغني اللبيب ونسبه محققه لقربط بن أنيف العنبري.
(٢) سورة النحل ، الآية ٣٢.
(٣) سورة الفرقان ، الآية ٥٨.
(٤) سورة المعارج ، الآية الأولى.
(٥) المفضلية ١١٩ لعلقمة بن عبدة ، البيت ٨ واللسان والتهذيب (الباء ١٥ / ٦١٥).
(٦) سورة الفرقان ، الآية ٢٥.
(٧) سورة المزمل ، الآية ١٨.
(٨) سورة الانفطار ، الآية ٦.
(٩) سورة الحديد ، الآية ١٤.
(١٠) سورة آل عمران ، الآية ٧٥ وفيها (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ).
(١١) اللسان والصحاح.
(١٢) سورة المطففون ، الآية ٣٠.
(١٣) سورة الصافات ، الآية ١٣٧.
(١٤) من شواهد مغني اللبيب ، الشاهد ١٥٦ ، ونسبه محققه إلى راشد بن عبد ربه أو ابن عبد الله.
(١٥) سورة النساء ، الآية ٤٢.
(١٦) سورة الإنسان ، الآية ٦.
(١٧) البيت لأبي ذؤيب الهذلي ، ديوان الهذليين ١ / ٥١ وتمام روايته فيه :
تروت بماء البحر ثم تنصبت |
|
على حبشيات لهن نئيج |