حتى توشَّى فيَّ وَضَّاحٌ وَقَلْ (١)
ويقالُ : اللَّيلُ طويلٌ ولا آشِ (٢) ، بالمدِّ ويُقْصَرُ شِيَتَهُ ، أَي لا أَسْهَرُه للفِكْرِ وتَدْبيرِ ما أُرِيدُ أَنْ أُدَبِّرَه فيه ، مِن وشَيْتُ الثَّوبَ ، أَو يكونُ مِن مَعْرفتِك بما يَجْري فيه لسَهَرِكَ فتُراقبُ نَحْوه (٣) ، وهو على الدُّعاءِ ، ولا تُعْرَفُ ؛ هو قولُ ابنِ سِيدَه في المُحْكم فإنَّه قالَ بعدَ سِياقِ هذه العِبارَةِ : ولا أَعْرِفُ ؛ صِيغَةَ آشٍ ، ولا وَجْهَ تَصْرِيفِها ، وهو ضَبَطَ الكَلِمَة بِمدِّ الألفِ وبقَصْرِها ؛ والمصنِّفُ أَغْفَلَ عن أَحَدِهما.
قُلْتُ : مَعْنى قَوْلهم : غَداً لا أَشِ شِيَتَه ، بقَصْرِ الألفِ ، كان أَصْله لا أَشِي أَي لا أَسْهَر مُشْتَغلاً بشِيَتِه أَي لَوْنِه ، وهو كِنايَةٌ عن التَّدْبِيرِ في أَمْرٍ مُهمٍّ وعلى تَقْديرِ مَدِّ الأَلف يكونُ مِن آشاهُ الذي هو مُبْدلٌ مِن وَاشاهُ مُفاعَلَةٌ مِن الوَشْي على بابِها ، أَو بمعْنَى وَشاهُ فيرجعُ إلى المَعْنى الأَوَّل ، فتأَمَّل. والعَجَبُ مِن ابنِ سِيدَه مع تَبَحُّرِه في التَّصْريفِ كيفَ لم يَعْرف صِيغَتَها.
ومِن المجازِ : أَوْشَتِ الأرضُ ، إذا خَرَجَ أَوَّلُ نَبْتِها.
وفي الأساس ، ظَهَرَ فيها وَشْيٌ مِن النّباتِ.
ومِن المجازِ : أَوْشَتِ النَّخْلةُ ، إذا رُئِيَ ؛ وفي الأساس بَدَا ، أَوَّلُ رُطَبِها.
ومِن المجازِ : أَوْشَى الرَّجلُ إذا كَثُرَ مالهُ وتناسَلَ ، عن ابنِ الأعْرابي. والاسْمُ الوَشاءُ ، كسَماءٍ ، وكذلكَ المَشاءُ والفَشاءُ ؛ عن ابنِ الأعْرابي.
قالَ ابنُ جنِّي : هو فَالٌ مِن الوَشْي ، كأَنَّ المالَ عنْدَهم زِينةٌ وجَمالٌ لهُم كما يُلْبَسُ الوَشْيُ للتَّحَسنِ به.
قُلْتُ : ويدلُّ لذلكَ قولهُ تعالى : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (٤).
وأَوْشَى : اسْتَخْرَجَ معنى كلامٍ أَو شِعْرٍ بالبَحْثِ عنه. وأَوْشَى المَعْدِنُ : وُجِدَ فيه شيءٌ يَسِيرٌ مِن ذَهَبٍ.
وأَوْشَى الشَّيءَ : اسْتَخْرَجَهُ برِفْقٍ.
قالَ ابنُ برِّي : أَنْشَدَ الجَوْهرِي في فَصْل جذم :
يُوشُونَهُنَّ إذا ما آنَسُوا فَزَعاً (٥)
قال أَبو عبيدٍ : قال الأصْمعي : يُوشِي يُخْرجُ برِفْقٍ.
قال ابنُ برِّي : قالَ عليُّ بنُ حَمْزةَ غَلِطَ أَبو عبيدٍ على الأصْمعي إنَّما قالَ يُخْرج بكُرْه.
قُلْتُ : وهو قولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّة الهُذَلي وبعْدُه :
تَحْتَ السَّنَوَّرِ بالأعْقابِ والجِذَم
وأَوْشَى فَرَسَه : اسْتَخْرَجَ ؛ وفي نسخةٍ أَخْرَجَ ؛ ما عنْدَه مِن الجَرْيِ.
وفي الصِّحاح : اسْتَحَثَّه بمِحْجَنٍ أَو بِكُلَّابٍ ؛ وأَنْشَدَ للرَّاعي :
جُنادِفٌ لاحِقٌ بالرأْسِ مَنْكِبُه |
|
كأَنَّه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلَّابِ (٦) |
قُلْتُ : هو لجَنْدل بنِ الرَّاعي يَهْجُو ابنَ الرّقاع وبعْده :
مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعْيُنُهُمْ |
|
وَقْصِ الرَّقابِ مَوالٍ غيرِ طُيَّابِ (٧) |
كاسْتَوْشاهُ ، وذلكَ إذا ضَرَبَ جَنْبَه بعَقِبهِ أَو بدرةٍ ليَرْكَضَ.
وأَوْشَى في الشَّيءِ ؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ أَوْشَى الشيءَ ؛ إذا عَمِلَهُ ؛ كما هو نَصُّ ابنِ الأعْرابي ؛ وفي
__________________
(١) اللسان.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة : ولا إِشَ شِيَتَهُ.
(٣) في اللسان : نجومه.
(٤) سورة النحل ، الآية ٦.
(٥) البيت في اللسان ونسبه لساعدة بن جؤية وعجزه :
تحت السنور بالأعقاب والجذمِ
والبيت في التهذيب ، وفي ديوان الهذليين ١ / ٢٠٣ وصدره فيه :
يوشونهن إذا ما نابهم فزع
(٦) ديوان الراعي ط بيروت ص ١٠ واللسان ونسبه لجندل بن الراعي وبدون نسبة في الصحاح.
(٧) ديوان الراعي ص ١١ وعجزه فيه :
قفد الأكفّ لئام غير صيابِ
والمثبت كرواية اللسان.