ومِن المجازِ : النَّضِيُّ العُنُقُ ، على التَّشْبيهِ ، أَو أَعْلاهُ ممَّا يلي الرأْسَ ، أَو عَظْمُه ؛ عن ابنِ دُرَيْدٍ. أَو ما بَيْنَ العاتِقِ إلى الأُذُنِ.
وفي الصِّحاح : ما بينَ الرأْسِ والكاهِلِ مِن العُنُقِ ، والجَمْعُ أَنْضِيَةٌ ، وأنْشَدَ :
يُشَبّهُونَ سُيُوفاً في صَرائِمِهم |
|
وطُولِ أَنْضِيَةِ الأعْناقِ واللِّمَمِ (١) |
قال ابنُ برِّي : البَيْتُ لِلَيْلى الأخْيَلِيّة ، ويُرْوَى للشَّمَرْدَلِ ابنِ شريكٍ اليَرْبُوعي ؛ الذي رَواهُ أَبو العبَّاس :
يُشَبّهونَ مُلوكاً في تَجِلّتِهِم
والتَّجلَّةُ : الجلالُ ، والصَّحيحُ : والأُمَم ، جَمْعُ أُمَّةٍ ، وهي القامةُ ، قالَ : وكذا قالَ عليُّ بنُ حَمْزة ، ولكنَّ هذه الرِّوايَة في الكامِلِ في المسأَلةِ الثامنَةِ ، وقالَ : لا تُمْدَحُ الكُهُولُ بطُولِ اللَّمَم إنَّما تُمْدَحُ به النِّساءُ والأَحْداثُ ؛ وبعد البَيْت :
إذا غَدَا المِسْكُ يجْرِي في مَفارِقِهِمْ |
|
راحُوا تَخالُهُمُ مَرْضى مِنَ الكَرَمِ (٢) |
وقال القتَّالُ الكِلابي :
طِوالُ أَنْضِيةِ الأعْناقِ لم يجِدُوا |
|
رِيحَ الإماءِ إذا راحَتْ بأَرْفادِ (٣) |
قُلْت : البَيْتُ الذي أَنْشَدَه الجَوْهرِي يقالُ هو للحارِثِ بنِ شريكٍ اليَرْبُوعي ، قيلَ : هو الشَّمَرْدلُ بعَيْنِهِ ، أَو هو غَيْرُه ، ويُرْوَى في صَرامَتِهِم ، والذي في الجَمْهَرةِ أَنَّه للَيْلى الأخْيَلِيّة ، واقْتَصَرَ على الرِّوايَةِ التي ذَكَرَها المبرِّدُ في الكامِلِ. والنَّضِيُّ من الكاهِلِ : نَضَدُه ؛ كذا في النُّسخِ وفي المُحْكم صَدرُه.
والنَّضِيُّ أَيْضاً : ذَكَرُ الرَّجُلِ ، وقد يكونُ للحِصانِ مِن الخَيْلِ ، وعَمَّ به بعضُهم جَمِيعَ الخَيْلِ ، وقد يقالُ أَيْضاً للبَعيرِ. وقال السِّيرافي : هو ذَكَرُ الثّعْلَبِ خاصَّةً.
وأَنْضاهُ ، أَي بَعِيرَه ، إذا هَزَلَهُ بالسَّيْرِ فذَهَبَ لَحْمُهُ.
وفي الحديثِ : «إنَّ المُؤْمِنَ ليُنْضِي شَيْطانَه كما يُنْضِي أَحَدُكم بَعيرَه» ، أَي يَهْزِلُه ويَجْعلُه نِضْواً. وفي حديثِ عليٍّ : «كلماتٌ لو رَحَلْتُم فيهنَّ المَطِيَّ لأَنْضَيْتُمُوهُنَّ».
وفي حديثِ ابنِ عبدِ العزيز : «أَنْضَيْتُم الظَّهْر» ، أَي أَهْزَلْتُموه.
وأَنْضاهُ : أَعْطاهُ نِضْواً ، أَي بَعِيراً مَهْزولاً.
ومِن المجازِ : أَنْضَى الثَّوبَ ، أَي أَبْلاهُ وأَخْلَقَه بكثْرَةِ اللبْسِ ؛ كانْتَضَاهُ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وممَّا يُسْتدركُ عليه :
نَضا الثَّوبُ الصِّبْغَ عن نَفْسِه : إذا أَلْقاهُ.
ونَضَتِ المرأَةُ ثوْبَها ونَضَّتْه ، بالتَشْديدِ أَيْضاً للكَثْرةِ ، وبهما رُوِي قولُ امرىءِ القَيْسِ :
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثِيابَها |
|
لدى السِّتْرِ إلَّا لِبْسةَ المُتَفَضِّلِ (٤) |
ونَضَوْتُ الجلَّ عن الفَرَسِ نَضْواً.
ونُضاوَةُ الخِضابِ ، بالضم : ما يُؤْخَذُ منه بعْدَ النُّضُولِ.
ونُضاوَةُ الحِنَّاءِ : ما يَبِسَ منه فأُلْقيَ ؛ هذه عن اللحّياني.
وفي الأساس : نُضاوَةُ الحنَّاءِ : سُلاتَتُه.
ونَضا السَّهْم : مَضَى ؛ قالَ :
__________________
(١) اللسان والصحاح وعجزه في المقاييس ٥ / ٤٣٧ وتقدم في «نصا» منسوباً لليلى الأخيلية وباختلاف الرواية ، انظره هناك. والكامل للمبرد ١ / ٧٩ ونسبه بحاشيته للمشردل بن شريك اليربوعي.
(٢) اللسان والكامل للمبرد ١ / ٨٠ وفيه برواية : يندى بدل يجري ، و «راحوا كأنهم مرضى» بدل «راحوا تخالهم».
(٣) اللسان والكامل للمبرد ١ / ٧٦ برواية «بأزفار» منسوباً فيهما للقتّال الكلابي ، واسمه عبيد بن المضرحي ، وهو من أبيات رائيه ، وقبله :
يا ليتني والمنى ليست بنافعة |
|
لمالك أو لحصن أو لسيَّار |
(٤) من معلقته ، ديوانه ط بيروت ص ٤٠ واللسان والتهذيب والصحاح والمقاييس ٥ / ٤٣٦ وضبطت نضت بالتشديد عن الديوان ، وفي المصادر بتخفيفها ، قال الجوهري : ويجوز عند تشديده للتكثير.