مُؤُونَ ، بضم الميمِ ، ومِيءٌ ، كمِعٍ ، وأَنْكَرَ هذه سِيْبَوَيْه ، لأنَّ بناتَ الحَرْفَيْن لا يُفْعل بها كذا ، يَعْني أنَّهم لا يَجْمَعونَ عليها ما قد ذَهَبَ منها في الإفْرادِ ثم حذفَ الهاء في الجَمْعِ لأنَّ ذلكَ إجْحافٌ في الاسْمِ ، وإنَّما هو عنْدَ أَبي عليٍّ مِئَيٌ ؛ وقولُ الشاعِرِ :
وحاتِمُ الطائِيُّ وهَّابُ المِئِي (١)
إِنَّما أَرادَ المِئِيَّ فحذَفَ ؛ وفي المُحْكم : فخفَّف ؛ كما قالَ :
أَلَمْ تكُنْ تَحْلِفُ باللهِ العَلِيّ |
|
إنَّ مطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي |
ومِثْلُه قولُ مُزَرّد :
وما زَوّدُوني غيرِ سَحْقِ عَمامَةٍ |
|
وخَمْسِمِىءٍ منها قَسِيٌّ وزائفُ (٢) |
أَرادَ : مُئِيٌّ فُعُول كحِلْيةٍ وحُلِيِّ.
وقالوا : ثَلَثُمِائَةٍ أَضافُوا أَدْنَى العَدَدِ إلى الواحِدِ لدَلالتِهِ على الجَمْعِ كقولِهِ :
في حَلْقِكُم عَظْمٌ وقد شَجِينا
وهو شاذٌ. وقال سيبويه : يقالُ ثَلَثُمائةٍ ، وكانَ حَقّه أَن يقالَ (٣) : ثلاثٌ مِئاتٍ وثلاثُ مِئِينَ كما تقول ثلاثَةُ آلافُ ، لأنَّ ما بينَ الثلاثَةِ إلى العَشرةِ يكون جماعَةً نحو ثَلاثَة رجالٍ وعَشرة رِجال ولكنَّهم شبَّهوه بأَحَد عَشَرَ وثَلاثَة عَشَر ، كما نقلَهُ الجَوْهرِي.
قالَ ابنُ سِيدَه : والأَوَّلُ أَكْثَرُ على شُذوذِهِ.
قالَ الجَوْهرِي : ومَنْ قال مِئِينٌ ورَفَع النونَ بالتَّنْوينِ ففي تَقْديرِهِ قَوْلان : أَحَدُهما : فِعْلِينٌ مِثال غِسْلينٍ ، وهو قولُ الأخْفَش وهو شاذٌّ ؛ والآخَرُ : فِعِيل ، كسرَ الفَاء لكَسْرةِ ما بَعْده ، وأَصْلُه : مِئِيٌّ ومُئِيٌّ مِثالُ عِصِيٍّ وعُصِيٍّ ، فأَبْدلَ من الياءِ نوناً. وأَمَّا قولُ الشاعِرَيْن : وهَّابُ المِئِي ، وخَمْسِمِىءٍ ، فهما عنْد الأخْفَش مَحْذُوفانِ مُرَخَّمان.
وحُكِيَ عن يونس : أنه جمعٌ بطَرْحِ الهاءِ مِثْل تَمْرةٍ وتَمْرٍ ، وهذا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لأنَّه لو أَرادَ ذلكَ لقالَ مِأًى مِثالُ مِعًى ، كما قالوا في جَمْع لِثةٍ لِثًى ، وفي جَمْع ثُبةٍ ثُبًى ، ا ه.
والنِّسْبَةُ إلى المِائَةِ في قولِ سِيْبَوَيْه ويونس جمِيعاً فيمَنْ رَدَّ اللامَ مِئَوِيٌّ ، كمِعَوِيِّ ؛ ووَجْهُ أنَّ مِائَةٌ أَصْلُها ، عنْدَ الجماعَةِ ، مِئْيَة ساكِنَة العَيْن ، فلمَّا حُذِفَتِ اللامُ تَخْفِيفاً جاوَرَتِ العَيْنُ تاءَ التَّأَنِيثِ فانْفَتَحَتْ على العادَةِ والعُرْفِ فقيلَ مائة ، فإذا رَدَدْت اللامَ فمذْهَب سيبويه أَنْ تقرَّ (٤) العَيْنِ بحالِها متحرِّكةً ، وقد كانتْ قَبْلَ الرَّدّ مَفْتوحةً فتَنْقَلِب لها اللام أَلِفاً فيَصِيرُ تَقْديرُها مِئاً كثِناً ، فإذا أَضْفَت إليها أَبْدَلْت الألفَ واواً فقُلْت : مِئَويٌّ كثِنَويِّ.
وأمَّا مَذْهب يونس فإنَّه كانَ إذا نَسَبَ فَعْلة أَو فِعْلة ممَّا لامَه ياءً أَجْراهُ مُجْرى ما أَصْلَه فَعِلة أَو فِعِلة ، فيقول في الإضافَةِ إلى ظَبْيَة ظَبَوِيٌّ ، ويحتجُّ بقولِ العربِ في النّسَبِ إلى بطْيَة بِطَويّ وإلى زِنْيَة زِنَوِيّ ، فقِياسُ هذا أنْ يجري فِئَة (٥) وإن كانتْ فِعْلة مَجْرى فِعَلة فيقول منها مِئَوِيٌّ فيَتَّفِقُ اللَّفْظان من أَصْلَيْن مُخْتَلِفَيْن.
وأَمْأَى القومُ : صارُوا مِائَةٌ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي ؛ فَهُم مُمْؤُونَ ، كمُعْطُون ، أَصْلُه ممأوون ؛ وأَمْأَيْتُهم أَنا : تَمَّمْتهم مِائَةً ، وتقدَّمَ عن ابنِ الأَعْرابي الفَرْقَ بينَ مَأَى القَوْم وأَمْأَى.
وقالَ الكِسائي : كانَ القومُ تِسْعَة وتِسْعِين فَامْأَيْتُهم ، بأَلِفٍ مِثْل أَفْعَلْتُهم ، وكذا في الألْف آلَفْتُهم ، وكذا إذا صارُوا هم كَذلكَ قُلْت : أَمْأَوْا وآلَفُوا إذا صارُوا مِائَةً وأَلْفاً ؛ نقلَهُ الأزْهري.
وفي المُحْكم : أَمْأَتِ الدَّراهِمُ والإِبِلُ وسائِرُ الأنْواعِ : صارَتْ مِائَةً ؛ وأَمْأَيْتُها : جَعَلْتُها مِائَةً.
__________________
(١) الصحاح واللسان ونسبه لامرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن ، وقال أبو زيد إنه للعامرية ، والتكملة ، وقبله فيهما :
حيدة خالي ولقيط وعلي
(٢) الصحاح والتهذيب واللسان وفيه : سحق عباءة.
(٣) في القاموس بالرفع والنصب ظاهر.
(٤) في اللسان : أن تقرأ العين.
(٥) اللسان : مئة.