فصل العين مع الهاء
[عته] : عُتِهَ الرَّجُلُ ، كعُنِيَ عَتْهاً ، بالفَتْحِ ، وعُتْهاً وعُتاهاً ، بضَمِّهِما ، فهو مَعْتُوهٌ : نَقَصَ عَقْلُهُ ، أَو فَقِدَ عَقْلُه ، أَو دُهِشَ من غيرِ مَسِّ جُنُونٍ. وما كانَ مَعْتوهاً ولقد عُتِهَ عَتْهاً.
وفي الحدِيثِ : «رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثَةٍ : الصَّبيُّ والنائِمُ والمَعْتُوه» ، وهو المَجْنونُ المُصابُ بعَقْلِه.
وعُتِهَ فلانٌ في العِلْمِ : إذا أُوْلِعَ به وحَرَصَ عليه.
وعُتِهَ فلانٌ في فُلانٍ : إذا أَوْلِعَ بإيذائِه ومُحاكاةِ كَلامِهِ.
قالَ شيْخُنا : اسْتُعْمِلَ الإيذَاءُ هنا وفي بعضِ مَواضِعَ ، وقالَ في المُعْتل إنَّه لا يقالُ وسَيَأْتي الكَلامُ عليه.
فهو عاتِهٌ (١) وعَتِيهٌ ، ج عُتَهاءُ ، ككُرَماء ، والاسْمُ العَتاهَةُ والعَتاهِيَةُ ، كالفَراهَةِ والفَراهِيَةِ.
والتَّعَتُّهُ : التَّجاهُلُ.
وأَيْضاً : التَّغافُلُ. يقالُ : هو يَتَعَتَّهُ لكَ عن كثيرٍ ممَّا تَأْتِيه أَي يَتَغَافَلَ عنك فيه.
أَو هو التَّنَظُّفُ والتَّنَوُّقُ.
وفي الصِّحاحِ : التَّعَتُّهُ التَّجَنُّنُ والرُّعُونَةُ ، ذَكَرَه أَبو عبيدٍ في المَصادِرِ التي لا تُشْتَق منها الأَفْعالُ ؛ قالَ رُؤْبَة :
بعدَ لَجاجٍ لا يَكادُ يَنْتَهِي |
|
عن التَّصابي وعن التَّعَتُّهِ (٢) |
والتَّعَتُّهُ : المُبالَغَةُ في المَلْبَسِ والمَأْكَلِ. يقالُ : تَعَتَّه في كذا ، وتَأَرَّبَ إذا تَنَوَّقَ وبالَغَ.
والمُعَتَّهُ ، كمعَظَّمٍ : العاقِلُ المُعْتَدِلُ الخَلْقِ.
وأَيْضاً : المَجْنونُ المُضْطَرِبُهُ ، أَي الخَلْق ، فهو ضِدُّ.
وأَبو العَتاهِيَةِ ، ككَراهِيَةٍ : لَقَبُ أَبي إسْحاقَ إسْماعيلُ ابنُ أَبي (٣) القاسِمِ هكذا في النسخِ والصَّوابُ ابن القاسِمِ ؛ ابنِ سُوَيْدٍ الشاعِرُ لا كُنْيَتُهُ. ووَهِمَ الجوهرِيُّ.
قالَ شيْخُنا : هذا غَريبٌ جدًّا مُخالِفٌ لمَا أَطْبَقَ عليه أَئِمةُ العَربيَّةِ من أَنَّ اللقَبَ ما أشعر بالرّفْعَةِ أَو الضَّعَةِ ولا يُصَدَّرُ بالأبِ والأُمِّ والابنِ والبنْتِ على الأصَحّ في الأَخيرَيْن ، بل كَلامُهم صَريحٌ في أَنَّ كلَّ ما صدِّرَ بذلكَ فهو كُنْيَةٌ بلا خِلافٍ.
قال : ثم رأَيْت العصام في الأَطْول في فِنّ البَدِيعِ أَشارَ إلى مثْلِ هذا واسْتَغْرَبَ كَلامَ المصنِّفِ غايَةَ الاسْتِغْرابِ قالَ : وإنّه لحقيقٌ بالاسْتِغْرابِ لخُرُوجِه عن قواعِدِ الإعْرابِ ، ثم أَيّ مانِع من اجْتِماعِ كنَى مُتعدِّدَة على مكنى واحِدٍ كما تُجْمعُ الألْقابُ كَذلِكَ ، كما في غيرِ دِيوانٍ.
قالَ : ثم خَطَرَ لي أَنَّ المصنِّفَ كأَنَّه رَاعَى ما يميلُ إليه بعضٌ مِن أَنَّ ما دلَّ على الذَّم فإنَّه يكونُ لَقَباً ولو صُدِّرَ بأَبٍ أَو أُمِّ ، ولا سيِّما إذا قَصَدُوا بالكُنْيةِ الذَّم ، كما ادَّعاهُ بعضٌ في هذه الكُنْيةِ وزَعَمَ أَنَّهم قَصَدُوا بها كأَنَّ العُتْهَ الخفَّةُ والجُنُونُ ، فيكون كُنْيَة أُرِيدَ بها اللَّقَب.
قالَ : وفي كَلامِ المحدِّثينَ في أَسْماءِ بعضِ الرِّجالِ ما يُومئُ إليه ، ولكنَّهم لم يَمْنَعوا إطْلاقَ الكُنْيةِ عليه ، انتَهَى.
* قُلْتُ : وذَكَرَ بعضٌ أَنّه كانَ له ولدٌ يُسَمَّى عتاهِيَة وبه كُنِّي ، وقيلَ : لو كانَ كَذلكَ لقِيلَ له أَبو عتاهِيَة بغيرِ تَعْريفٍ ، والصَّحيحُ أَنَّه لَقَبٌ لا كُنْيَة كما مَشَى عليه المصنِّفُ ، ولُقِّبَ بذلكَ لأنَّ المَهْديَّ قالَ له : أَراكَ مُتَعَتِّهاً مُتَخَلِّطاً ، وكانَ قد تَعَتَّه بجارِيَةٍ للمَهْدِي واعْتُقِلَ بسَبَبِها ، وعَرَضَ عليها المَهْدِيُّ أَنْ يُزوِّجَها له فأَبَتْ ؛ وقيلَ : لُقِّبَ بذلكَ لأنَّه كانَ طويلاً مُضْطَرباً ؛ وقيلَ : لأنَّه كانَ يُرْمَى بالزَّنْدَقَةِ.
وقَرَأْتُ في الأغاني لأبي الفَرَج عن الخليلِ بنِ أسَدٍ النّوْشجاني قالَ أَبو العتاهِيَة : يزعمُ الناسُ أَنِّي زنْدِيقٌ ، وو الله ما دِيني إلَّا التّوْحيد ، فقُلْنا له : قلْ شيئاً نَتَحدَّثُ به عَنْك ، فأَنْشَدَ :
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة : عَتيهٌ.
(٢) ديوانه ص ١٦٥ واللسان والثاني في التهذيب.
(٣) قوله : «أبي» مضروب عليه بنسخة المؤلف هامش القاموس.