ابنِ عِمْران بنِ منيبِ بنِ رغيبة (١) بنِ قطبَةَ العذْريُّ الدلائيُّ ، وُلِدَ سنَةَ ٣٩٣ ، وسَمِعَ بالحجازِ مِن أَبي العبَّاس الرَّازي ، وصَحِبَ أَبا ذرِّ الهَرَويَّ وسَمِعَ منه الصَّحِيح مرَّاتٍ ، وعنه أَبو عبدِ اللهِ الحُميدي وابْنُه أَنَسَ ، تُوفي بالبريَّةِ سنَةَ ٤٧٨.
[دمي] : ي الدَّمُ : مِن الأخْلاطِ م مَعْروفٌ ، وقد اخْتُلِفَ في أَصْلِه على أَقْوالٍ ، اقْتَصَر المصنِّفُ منها على واحِدٍ ، وهو أنَّ أَصْلَه دَمَيٌ ، بالتَّحْرِيكِ ، كما هو في النَّسخِ الصَّحِيحةِ ، والذَّاهِبُ منه الياءُ ؛ نَقَلَه الجوهرِيُّ عن المبرَّدِ ، وأَوْرَدَه أَيْضاً صاحِبُ المِصْباح ، وصَحَّحَه الجوهرِيُّ على ما سيأتي.
وقد جاءت تَثْنِيَتُه على لَفْظِ الواحِدِ فيقالُ دَمانِ.
وقالَ الجوهرِيُّ بَعْد ذِكْرِه قَوْل المبرَّد ، والذَّاهِبُ منه الياءُ ، ما نَصُّه : والدَّليل عليها قوْلُهم في التَّثْنِيَة دَمَيانِ ، وأَنْشَدَ :
فلَوْ أنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا |
|
جَرى الدَّمَيانِ بالخَبَرِ اليَقِينِ (٢) |
قال ابنُ سِيدَه : تَزْعَمُ العَرَبُ أنَّ الرَّجُلَين المُتَعادِيَيْن إذا ذُبِحا لم تَخْتَلِطْ دِمَاهُما (٣).
قالَ الجوهرِيُّ : أَلا تَرى أنَّ الشَّاعِرَ لمَّا اضْطُرَّ أَخْرَجَه على أَصْله فقالَ :
فَلَسْنا على الأَعْقابِ تُدْمَى كُلُومُنا |
|
ولكِنْ على أَقْدامِنا يَقْطُرُ الدَّما (٤) |
فَأَخْرَجَه على الأَصلِ. ولا يَلْزمُ على هذا قَوْلهم يَدْيانِ ، وإن اتَّفَقُوا على أنَّ تَقْديرَ يَدٍ فَعْلٌ ساكنَة العَيْن ، لأنَّه إنَّما ثُنِّيَ على لُغَةِ مَنْ يقولُ لِلْيَدِ يَدَا ، وهذا القَوْل أَصَحّ. والقَوْلُ الثَّاني : إنَّ أَصْلَه دَمَوٌ بالتَّحْريكِ ، وإنَّما قالوا دَمِيَ يَدْمَي لحالِ الكَسْرة التي قَبْل (٥) الياءِ كما قالوا رَضِيَ يَرْضَى وهو مِنَ الرِّضْوان ؛ وبعضُ العَرَبِ يقولُ في تَثْنِيَتِه دَمَوانِ.
قالَ بنُ سِيدَه : هو على المُعاقَبَةِ ؛ وهي قَلِيلَةٌ لأنَّ حُكْمَ أَكْثَر المُعاقَبَة إنَّما هو قَلْب الواوِ إلى الياءِ لأنَّهم إنّما يَطْلِبُون الأخَفُّ.
والقَوْلُ الثَّالثُ : إنَّ أَصْلَه دَمْيٌ على فَعْلٍ ، بالتَسْكِين ، لأنَّه ج يُجْمَعُ على دِماءٍ ، على القِياسِ ، ودُمِيِّ شُذوذاً مِثْل ظَبْيٍ وظِباءٍ وظُبْيِّ ، ودَلْوٍ ودِلاءٍ ودُلِيِّ ، ونقل كَسْر الدالِ في الأَخيرِ أَيْضاً.
قالَ الجَوْهرِيُّ : وهذا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْه ، قالَ : ولو كانَ مِثْل قَفاً وعَصاً لمَا جُمِعَ على ذلكَ.
* قُلْتُ : وهو قَوْلُ الزجَّاجِ أيْضاً.
قالَ : إلَّا أنَّه لمَّا حُذِفَ وَردَّ إليه ما حُذِفَ منه حُرِّكَتِ المِيمُ لتدلَّ الحَرَكَة على أنَّه اسْتُعْمِل مَحْذوفاً.
ورُبَّما يُفْهَم من سِياقِ المصنِّفِ أنَّه الذي اخْتارَه بناء على أنَّه لم يضبط قَوْله دمى فاحتمل أَنْ يكونَ بالتَّسْكِين ، ولكنَّ الصَّحيحَ الذي قدَّمْناه أنَّه بالتَّحْرِيكِ ، كما وُجِدَ في النسخِ الصَّحِيحةِ. ووَجْه اخْتِيار المصنِّف إيَّاه دُونَ القَوْلَين كَوْن الجَوهرِيِّ رَجَّحَه ، وإن كانَ شيْخُنا أَشارَ إلى أنَّ الجَوهرِيّ جَزَمَ لما ذَكَرْناه ثانِياً وهو أنَّ أَصْلَه دَمَوٌ لكَوْنِه قدَّمَه في الذِّكْر ، وكأنَّه لم يَطَّلع في آخِرِ سِياقِه على قَوْلِه ، وهو الرَّاجحُ ، أَي قَوْل المبرَّد ، فتأَمَّل ذلكَ.
وقد قَصَّر المصنِّف في سِياقِه هذا كَثِيراً يَظْهَر بالتَّأَمَّل.
وقِطْعَتُه دَمَةٌ ، بالهاءِ.
قالَ الجَوهرِيُّ : والدّمَةُ أَخَصّ مِن الدَّمِ ، كما قالوا بَياض وبياضة ، أَو هي لُغَةٌ في الدَّمِ ، وهو قَوْلُ ابنِ ، جِنِّي لأنَّه حكَى دَمٌ ودَمَةٌ مع كَوْكَبٍ وكَوْكَبَة ، فأَشْعَر أَنَّهما لُغَتانِ.
__________________
(١) في ياقوت : زُغبة.
(٢) اللسان والصحاح والتهذيب.
(٣) كذا ، وفي اللسان : دماؤهما.
(٤) الصحاح وفي اللسان :
ولكن على أعقابنا يقطر الدما
(٥) كذا بالأصل والصحاح ، وفي اللسان : قبل الواو.