لأنَّ التاءَ أُخْتُ التاءِ في الهَمْسِ ثم أُدْغِمَتْ فيها ؛ قالَ الشَّاعِرُ :
بَدا بِأبي ثم اثَّنَى بأَبي أَبي |
|
وثَلَّثَ بالأَذنينِ ثَقْف المَحالِبِ (١) |
هذا هو المَشْهورُ في الاسْتِعمالِ والقَويُّ في القِياسِ.
ومنهم مَنْ يقلبُ (٢) تاءَ افْتَعَلَ ثاء فيَجْعلُها مِن لَفْظِ الفاءِ قَبْلها فيقولُ اثَّنى واثَّرَدَ وأَثَّأَدَ (٣) ، كما قالَ بعضُهم في اذْدَكَر (٤) اذَّكَرَ وفي اصْطَلَحَ اصَّلَح.
وأَثْنَى البَعيرُ أثناءً : أَلْقى ثَنِيَّته وصارَ ثَنِيَّاً.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ (٥) في الفَرَسِ إذا أَثْنَى : ألْقَى رَواضِعَه ، فيُقالُ أَثْنَى وأَدْرَم الإِثناءَ ، قالَ : وإذا سَقَطَتْ رَواضِعُه ونَبَتَ مكانَها سِنٌّ ، فنَباتُ تلْكَ السنِّ هو الإِثناءُ ، ثمَّ يَسْقطُ الذي يَلِيه عنْدَ إِرْباعِه.
والثَّناءُ ، بالفتْحِ ، والتَّثْنِيَةُ (٦) : وَصْفٌ بمَدْحٍ أَو بذَمِّ ، أَو خاصٌّ بالمَدْحِ (٧) ؛ وقد أَثْنَى عليه وثَنَّى (٨).
* قُلْتُ : أَمَّا أَثْنَى فمَنْصوصٌ عليه في كُتُبِ اللُّغَةِ كُلِّها. قالَ الجَوْهرِيُّ : أَثْنى عليه خَيْراً ، والاسمُ الثَّناءُ.
وقالَ اللَّيْثُ : الثَّناءُ ، مَمْدودٌ ، تَعَمُّدك لتُثْنيَ على إِنْسانٍ بحسَن أَو قَبيحٍ.
وقد طارَ ثَناءُ فلانٍ أَي ذَهَبَ في النَّاسِ ، والفعْلُ أَثْنَى ؛ وأَمَّا التثنيةِ وفِعْله ثنى فلم يَقُلْ به أَحَدٌ والصَّوابُ فيه التثبية ، وثبى بالموحَّدَةِ بهذا المعْنَى ؛ وقد تقدَّمَ ذلِكَ للمصنِّفِ ، ثم إِنَّ تَقْييدَ الثَّناء مع شُهْرتِه بالفتْحِ غَيْرُ مَقْبولٍ بل هو مُسْتدركٌ ، وأَشارَ للفَرْقِ بَيْنه وبينَ النَّثا بقَوْلِه : أَو خاصٌّ بالمدْحِ ، أَي والنَّثا خاصٌّ بالذمِ.
قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ : يقالُ أَثْنَى إذا قالَ خَيْراً أَو شرّاً ، وأَنْثى (٩) إذا اغْتابَ.
وعُمومُ الثَّناءِ في الخَيْرِ والشرِّ هو الذي جَزَمَ به كَثِيرُونَ ؛ واسْتَدَلّوا بالحدِيثِ : «مَنْ أَثْنَيْتُم عليه خَيْراً وجَبَتْ له الجنَّةُ ومَنْ أَثْنَيْتُم عليه شرّاً وَجَبَتْ له النَّارُ».
وثِناءُ الدَّارِ ، ككِتابٍ : الفِناءُ.
قالَ ابنُ جنِّيِ : ثِناءُ الدَّارِ وفِناؤُها أَصْلانِ لأنَّ الثَّنَاءَ مِن ثَنَى يَثْنِي ، لأنَّ هناكَ تَنْثَني عن الإنْبِساطِ لمجيءِ آخِرها واسْتَقْصاءِ حُدودِها ، وفِناؤُها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأنَّك إذا تَناهَيْتَ إلى أَقْصَى حُدودِها فَنِيَتْ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وجَعَلَه أَبو عبيدٍ في المُبْدلِ.
والثِّناءُ : عِقالُ البَعِيرِ ؛ عن ابن السَّيِّدِ في الفرقِ.
* قُلْتُ : لا حاجَةَ في نَقْلِه عن ابنِ السَّيِّد وقد ذَكَرَه الجَوْهرِيُّ حيثُ قالَ : وأَمَّا الثِّناءُ ، مَمْدوداً ، فعِقالُ البَعير ونَحْو ذلِكَ مِن حَبْل مَثْنيِّ ، وكلّ واحدٍ مِن ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفْرِد ، تقولُ عَقَلْتُ البَعيرَ بثِنايَيْن إذا عَقَلْتُ يَدَيْه جَمِيعاً بحَبْل أَو بِطَرَفي حَبْل ، وإِنَّما لم يُهْمَز لأنَّه لَفْظٌ جاءَ مُثَنَّى لا يُفْرِد واحِدُه فيُقالُ ثِناءٌ ، فتُرِكتِ الياءُ على الأصْلِ كما فَعَلوا في مِذْرَوَيْن ، لأنَّ أَصْلَ الهَمْزةِ في ثِناءٍ لو أُفْرِد ياءٌ ، لأنَّه مِن ثنيت ، ولو أُفْرِد واحِدُه لقيلَ ثِناآن كما تقولُ كساآنِ ورَدَاآنِ ؛ هذا نَصّه.
__________________
(١) اللسان ، وكتب مصححه بهامشه : قوله : ثقف المحالب ، هو هكذا بالأصل.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ومنهم من يقلب تاء افتعل ثاء هكذا في خطه وعين ما قبله كما لا يخفى ا ه».
(٣) في اللسان : «وأثّأر».
(٤) في اللسان : ادَّكر اذّكر.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : قوله : «وقال ابن الأعرابي في الفرس إذا أثنى الخ هكذا العبارة في خطه وهي ركيلة غير محررة فليراجع ولتحرر ا ه» ونص قول ابن الأعرابي في التهذيب واللسان : في الفرس إذا استتم الثالثة ودخل في الرابعة ثني ، فإذا أثنى ألقى رواضعه ، فيقال : أثنى وأدرم للإثناء.
(٦) لم يقل به أحد ، والصواب : التشبيه بالباء الموحدة فيه ، (هامش القاموس.
(٧) لم يقل به أحد ممن يوثق به ، واقتصار بعضهم كالجوهري بقوله : أثنيت عليه خيراً ، والاسم : الثناء لا ينافي استعماله في الشر. وعموم الثناء في الخير والشر هو الذي جزم به الكثير ، وعزي إلى الخليل ، أفاده الشارح والمصباح وانظره ، ا ه مصححه. (هامش القاموس.
(٨) تقدم له أنها بمعنى الثناء والتعظيم هامش القاموس.
(٩) في اللسان : «وانثنى».