ومَرَرْتُ بابْنِمِك ، ورأَيْت ابْنَمَك ، تَتْبَعُ النونُ الميمَ في الإِعْرابِ ، والأَلِف مَكْسورَة على كلِّ حالٍ ، ومنهم مَنْ يَعْربه مِن مكانٍ واحِدٍ فيعربُ الميمَ لأَنَّها صارَتْ آخِرَ الاسمِ ، ويَدَع النونَ مَفْتوحَة على كلِّ حالٍ فيقولُ هذا ابْنَمُكَ ، ومَرَرْت بابْنَمِك ، ورأَيْت ابْنَمَك.
وفي حديثِ بادِيَةَ بِنْتِ غَيْلان الثَّقفيَّة المُتقدِّم ذِكْرها وهو فيمَا رَوَى شَمِرٌ : قالَ مُخَنَّث لعبْدِ اللهِ بنِ أَبي أُمَيَّة : «إنْ فَتَح اللهُ عليكم الطائِفَ فلا تُفْلِتَنَّ منكم بادِيَةُ بنْتُ غَيْلان فإنَّها إن ؛ كذا في النُّسخِ ويُرْوَى إذا ؛ جَلَسَتْ تَبَنَّتْ وإذا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ وإذا اضْطَجَعَتْ تَمَنَّتْ ، وبَيْنَ رِجْلَيْها مثْلُ الإِناءِ المُكْفأ».
قالَ الأزْهرِيُّ : يحتملُ أَنْ يكونَ قَوْل المُخَنَّث إذا قَعَدَتْ تَبَنَّتْ أَي صارَتْ كالمَبْناةِ من سِمَنِها وعظَمِها.
وقالَ ابنُ الأثيرِ : أَي صارَتْ كالبَيْتِ المَبْنِيِّ وهو القبَّةُ مِن الأَدَم لسمَنِها وكثْرَةِ لَحْمِها ، أَو لأنَّ القبَّة إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَتْ انْفَرَجَتْ ، وكذلِكَ هذه إذا قَعَدَتْ تَرَبَّعَتْ وفرشَتْ رِجْلَيْها.
والبَناتُ : التَّماثيلُ الصِّغارُ التي يُلْعَبُ بها.
وفي حدِيثِ عائِشَةَ ، رضِيَ الله تعالى عنها : «كنتُ أَلْعَبُ مع الجَوارِي بالبَناتِ» ، كما في الصِّحاحِ ، وبُنَيَّاتُ الطَّريقِ ، بالضَّمِّ مُصَغّراً : هي الطُّرُقُ الصِّغارُ التي تَتَشعَّبُ مِن الجادةِ ، وهي التُّرَّهات ؛ كما في الصِّحاحِ.
وتَبَنَّاهُ : اتَّخَذَهُ ابْناً ، أَو ادَّعَى بُنُوَّتَه.
وقالَ الزجَّاجُ : تَبَنَّى به يُريدُ تَبَنَّاهُ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
حكَى الفرَّاءُ عن العَرَبِ : هذا مِن ابْناوَاتِ الشِّعْبِ ، وهُم حيٌّ من كَلْبٍ.
وفي الصِّحاحِ : وأَمَّا قَوْلُهم أبْناوِيٌّ فإنَّما هو مَنْسوبٌ إلى أَبْناءِ سعْدٍ لأنَّه جعلَ اسْماً للحيِّ أَو القبيلَةِ ، وقَوْل رُؤْبة :
بُكاءَ ثَكْلَى فَقَدَتْ حَمِيما |
|
فهي تُنادِي بأَبي وابْنِما (١) |
زادَتِ الياءَ وإنَّما أَرادَتْ ابْنَما.
وقالوا في تَصْغيرِ الأَبْناءِ : أُبَيْناءُ ، وإن شِئْتَ أُبَيْنونَ على غيرِ نَكِرَةٍ قالَ السفَّاحُ بنُ بُكَير :
مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءَني |
|
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غيرِ رَاعِ (٢) |
قالَ الجَوْهرِيُّ : كأنَّ واحِدَه ابنٌ مَقْطوعُ الألفِ ، فصَغَّره فقالَ أُبَيْنِ ، ثم جَمَعَه فقالَ أُبَيْنُون.
قالَ ابنُ بَرِّي : صَوابُه كأنَّ واحِدَه أَبْنى مثْالُ أَعْمى ليصحَّ فيه أَنَّه مُعْتل اللامِ ، وأنَّ واوَه لامٌ لا نونٌ بدَلِيلِ البُنُوَّة ، أَو أَبْنٍ بفتْحِ الهَمْزةِ مثَالُ أَجْرٍ ، وأَصْله أَبْنِوٌ ، قالَ : وقَوْله فصَغَّره فقالَ أُبَيْنٌ إنَّما يَجِيءُ تَصْغيرُه عنْدَ سِيْبَوَيْه أُبَيْنٍ مِثل أُعَيْمٍ ، انْتَهَى.
وفي حدِيثِ ابنِ عباس : قالَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم : «أُبَيْنى لا ترموا جَمْرَة العَقَبةِ حتى تَطْلُعَ الشمسُ».
قالَ ابنُ الأثيرِ :
الهَمْزَةُ زائِدَةٌ وقد اخْتَلفَ في صيغَتِها ومَعْناها فقيلَ : إنَّه تَصْغير أَبْنى كأَعْمى وأُعَيْم ، وهو اسمٌ مُفْردٌ يدلُّ على الجَمْعِ ، وقيلَ : إنَّ ابْناً يُجْمَعُ على أَبْناء مَقْصوراً ومَمْدوداً ، وقيلَ : هو تَصْغيرُ ابن ، وفيه نَظَرٌ.
وقالَ أَبو عبيدٍ : هو تَصْغيرُ بَنِيَّ جَمْع ابْنٍ مُضافاً إلى النَّفْسِ ، قالَ : وهذا يُوجِب أَنْ يكونَ صِيغَة اللّفْظَة في الحدِيثِ أُبَيْنِيَّ بوَزْنِ سُرَيْجِيّ ، وهذه التّقْديرَات على اخْتِلافِ اللّغاتِ ، انتَهَى.
قالَ الجَوْهرِيُّ : وإذا نَسَبْتَ إلى بُنَيَّات الطَّريقِ قُلْتَ بَنَوِيٌّ ، لأنَّ أَلفَ الوَصْلِ عِوَضٌ مِن الواوِ ، فإذا حَذَفْتها فلا بُدَّ من رَدِّ الواوِ.
وللأَب والابنِ والبنْتِ أَسْماءٌ كَثيرَةٌ تُضافُ إليها ، وعَدَّدَ
__________________
(١) ويروى :
فهي ترنّى بأبا وابناما
(٢) اللسان والصحاح والتهذيب.