وقالَ الفرَّاءُ : يأْبَنَّى بكسْرِ الياءِ وبفتْحِها لُغَتانِ كَيَا أَبَتِ ويا أَبَتَ.
قالَ شَيْخُنا : وهذا مِن وظائِفِ النَّحْو لا دَخْل فيه لشَرْحِ الألْفاظِ المُفْردَةِ.
والأَبْناءُ : قَوْمٌ من العَجَمِ سَكَنُوا اليَمَنَ ، وهُم الذين أَرْسَلَهم كِسْرى مع سيفِ بنِ ذي يَزَن لمَّا جاءَ يَسْتَنْجده على الحَبَشَةِ فنَصَرُوه ومَلَكُوا اليَمَنَ وتَدْبَّرُوها وتَزَوَّجُوا في العَرَبِ فقيلَ لأَوْلادِهم الأَبْناءُ ، وغَلَبَ عليهم هذا الاسمُ لأنَّ أُمَّهاتِهم من غيرِ جِنْسِ آبائِهم ، والنِّسْبَةُ إليهم على ذلكَ أَبْناوِيٌّ في لُغَةِ بَني سعْدٍ ؛ كَذلِكَ حَكَاهُ سِيْبَوَيْه عنهم.
قالَ : وحدَّثَني أَبو الخطَّاب أَنَّ ناساً مِن العَرَبِ يقُولُونَ في الإِضَافَةِ إليه بَنَوِيٌّ ، محرَّكةً ، رَدّاً له إلى الواحِدِ ، فهذا على أَنْ لا يكون اسْماً للحيِّ.
وفي الصِّحاحِ : إذا نَسَبْتَ إلى أَبْناءِ فارِس فقُل بَنَوِيُّ ، وأَمَّا قَوْلهم أَبْناوِيٌّ فإنّما هو مَنْسوبٌ إلى أَبْناء سعْدٍ ، لأنَّه جعلَ اسْماً للحيِّ أَو للقَبيلَةِ ، كما قالوا مَداينِيٌّ حينَ جَعلْوه اسْماً للبَلَدِ ، انتَهَى.
ورأَيْت في بعضِ توارِيخِ اليَمَنِ : أَنَّ أَبْناءَ اليَمَنِ يَنْتَسِبون إلى هرمز الفارِسيّ الذي أَرْسَلَه كِسْرى مع سيفِ ابنِ ذي يَزَن فاسْتَوْطَنَ اليَمَنَ وأَوْلَدَ ثلاثَةَ بهلوان ودادوان وبانيان ، فأَعْقَبَ بهلوان بهلول ، والدادويون بسَعْوان ومنهم بَنُو المتمير بصَنْعاءَ وصَعْدَة وجراف الطاهِرِ ونحر البون ، والدادويون خَوارِجُ ومنهم غزا كراذماروهُم خَلقٌ كثيرٌ.
وقالَ سِيْبَوَيْه : أَلْحَقُوا ابْناً الهاءَ فقالوا : ابْنَةٌ ، قالَ : وأَمَّا بِنْتٌ فَلَيْسَ على ابنٍ وإنَّما هي صِفَةٌ (١) ؛ كذا في النُّسخِ والصَّواب صيغَةٌ ؛ على حِدَةٍ أَلْحَقُوها الياءَ للإِلْحاقِ ثم أَبْدَلُوا التاءَ منها ، وقيلَ إنَّا مُبْدلَةٌ من واو ، قالَ سِيْبَوَيْه : وإنَّما بنْتٌ كعِدْل ، والنِّسْبَةُ إلى بنْتٍ بِنْتيٌّ في قوْلِ يونس. قالَ ابنُ سِيدَه : وهو مَرْدُود عنْدَ سِيْبَوَيْه.
وبَنَوِيٌّ ، محرَّكةً.
وقالَ ثَعْلَب : تقولُ العَرَبُ : هذه بنْتُ فلانٍ ، وهذه ابْنَةُ فلانٍ ، بتاءٍ ثابتَةٍ في الوقْفِ والوَصْلِ ، وهُما لُغتانِ جَيِّدتانِ ، قالَ : ومن قال ابْنتٌ فهو خَطَأٌ ولَحْنٌ.
وقالَ الجَوْهرِيُّ : ولا تَقُل ابْنتٌ لأنَّ الألف إنَّما اجْتُلِبَت لسكونِ الباءِ فإذا حَرَكَتها سَقَطَتْ ، والجَمْعُ بَناتٌ لا غَيْر ، انتَهَى.
وفي المُحْكَم : والأُنْثى ابْنَةٌ وبنتٌ ، الأَخيرَةُ على غيرِ بناءِ مُذَكَّرِها ، ولامُ بنْت واو والتاءُ بَدَلٌ منها.
قالَ أَبو حنيفَةَ : أَصْلُه بنْوَة ووَزْنها فِعْلٌ ، فأَلْحقتها التاءُ المُبْدلَة من لامِها بوَزْن حِلْسٍ فقالوا بِنْتٌ ، وليسَتِ ، التاءُ فيها بعلامَةِ تأْنِيثٍ كما ظن مَنْ لا خبْرَةَ له بهذا الشَأْنِ ، وذلك لسكونِ ما قَبْلها ، هذا مَذْهبُ سِيْبَوَيْه وهو الصَّحيحُ ، وقد نصَّ عليه في بابِ ما لا يَنْصَرِف فقالَ : لو سَمَّيت بها رجُلاً لصَرَفْتها مَعْرفةً ، ولو كانتْ للتَّأْنيثِ لما انْصَرَفَ الاسمُ ، وقَوْلُ حَسَّانَ بن ثابتٍ ، رضِي الله تعالى عنه :
وَلَدْنا بَني العَنْقاء وابْنَيْ مُحَرِّقٍ |
|
فأَكْرِم بنا خالاً وأَكْرِم بِنا ابْنَما (٢) |
أَي ابْناً والمِيمُ زائِدَةٌ زِيادَتها في شَدْقَمٍ وزَرْقَمٍ وشَجْعَمٍ ؛ وكذلكَ قَوْلُ ضمرة بن ضمرة :
عرار الظليم استحقب الركب بيضه |
|
ولم يحم أنفاً عند عرس ولا ابنم |
فإنَّه يُريدُ الابنَ والمِيمُ زائِدَةٌ وهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ.
قالَ سِيْبَوَيْه : وكأنَّ زِيادَةَ المِيمِ في ابْنم أَمْثَلُ قليلاً لأنَّ الاسمَ مَحْذوفُ اللامِ ، فكأَنَّها عِوَضٌ منها ، وليسَ في فسحم ونَحْوه حَذْف.
وقالَ أَبو الهَيْثم : إذا زِيدَتِ الميمُ فيه فيعربُ مِن مَكانَيْن يقالُ هذا ابْنُمُكَ ، فأُعْرب بضمِّ النونِ والميمُ ،
__________________
(١) وقد مرّ في أخ أنها صيغة مستقلة ، ا ه ، نصر (هامش القاموس).
(٢) عجزه من شواهد القاموس ، والبيت في ديوانه ط بيروت ص ٢٢٠ واللسان والصحاح والتهذيب : «ابن» ١٥ / ٥٠٦.