وقالَ زُفَرُ بنُ الحرِثِ :
أَرِيني سِلاحِي لا أَبَا لَكِ إِنَّني |
|
أَرَى الحَرْب لا تَزْدادُ إِلَّا تَمادِيا (١) |
ورُوِيَ عن ابنِ شُمَيْل : أَنَّه سَأَلَ الخَليل عن قَوْلِ العَرَبِ لا أَبَ لَكَ ، فقالَ : مَعْناه لا كافيَ لَكَ عن نَفْسِك.
وقالَ الفرَّاءُ : هي كلمةٌ تَفْصِلُ بها العَرَبُ كَلامَها.
وقالَ غيرُهُ : وقد تُذْكَرُ في مَعْرِض الذَّمِّ كما يقالُ : لا أُمَّ لَكَ ، وفي مَعَرِض التَّعجُّبِ كقَوْلِهم : للهِ دَرُّكَ ، وقد تُذْكَر في معْنى جِدَّ في أَمْرِكَ وشَمِّر لأنَّ مَنْ له أَبٌ اتَّكَلَ عليه في بعضِ شأْنِهِ.
وسَمِعَ سُلَيْمانُ بنُ عبدِ المِلك أَعْرابيّاً في سَنَةٍ مُجْدِبةٍ يقولُ :
أَنْزِل علينا الغَيْثَ لا أَبَا لَكَ (٢)
فحمَلَهُ سَلَيْمانُ أَحْسَن مَحْمَل ، وقالَ : أَشْهَدُ أَن لا أَبَ له ولا صاحِبَةَ ولا وَلَد.
وأَبو المرْأَةِ : زَوْجُها ؛ عن ابنِ حَبيبٍ.
وفي التّكْمِلَةِ : والأَبُ في بعضِ اللُّغاتِ الزَّوْجُ انتهَى واسْتَغْربَه شيْخُنا.
والأُبُوُّ ، كعُلُوِّ : الأُبُوَّةُ ، وهُما جَمْعانِ للأبِ عن اللّحْيانيِّ كالعُمُومَةِ والْخُؤُولَةِ ؛ ومنه قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبِ :
لو كانَ مِدحَةُ حَيِّ أَنْشَرَتْ أَحَداً |
|
أَحْيا أَبُوَّتِكَ الشُّمَّ الأَمادِيحُ (٣) |
ومِثْلُه قوْلُ لبيدٍ :
وأَنْبُشُ مِن تحتِ القُبورِ أُبُرَّةً |
|
كِراماً هُمُ شَدُّوا عَليَّ التَّمائما (٤) |
وأَنْشَدَ القنائِيّ يمدَحُ الكِسائي :
أَبى الذَّمُّ أَخْلاقَ الكِسائِيِّ وانْتَمى |
|
له الذِّرْوة العُلْيا الأُبُوُّ السَّوابِقُ (٥) |
وأَبَّيْتُه تَأْبِيَةً : قُلْتُ له بأَبِي ، والباءُ فيه مُتَعلِّقةٌ بمحْذُوفٍ ، قيلَ : هو اسمٌ فيكونُ ما بَعْده مَرْفوعاً تَقْديرُهُ أَنْتَ مَفْدِيٌّ بِأَبِي ، وقيلَ : هو فعْلٌ وما بَعْده مَنْصوبٌ أَي فَدَيْتُكَ بِأَبِي ، وحذفَ هذا المُقدَّر تَخْفيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ وعِلْم المُخاطَبِ به.
والأَبْواءُ : ع قُرْبَ وَدَّانَ ، به قَبْرُ آمِنَةَ بِنْت وهبٍ أُمِّ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوسلم وقيلَ : هي قَرْيةٌ مِن أَعْمالِ الفُرْع بينَ المَدينَةِ والجحفَةِ بَيْنها وبينَ المَدينَةِ (٦) ثلاثَةٌ وعِشْرونَ مِيلاً ؛ وقيلَ الأَبْواءُ جَبَلٌ على يَمِينِ آرةَ ويَمِين الطَّريقِ للمُصْعدِ إلى مكَّةَ مِن المَدينَةِ ؛ وهناك بَلَدٌ يُنْسَبُ إلى هذا الجَبَل.
وقالَ السُّكَّريُّ : هو جَبَلٌ مُشْرِفٌ شامخٌ ليسَ به شيءٌ مِن النَّباتِ غَيْر الخزم (٧) والبَشام وهو لخزاعَةَ وضمرَة ، وقد اخْتُلِفَ في تَحْقيقِ لَفْظِه فقيلَ : هو فَعْلاءُ مِن الأُبُوَّة ، كما يدلُّ له صَنِيعُ المصنِّفِ حيثُ ذَكَرَه هنا ، وقيلَ : أَفْعال كأَنَّه جَمْعُ بوِّ وهو الجِلْدُ ، أَو جَمْعُ بُوىَ وهو السَّوادُ (٨) ، وقيلَ : إِنَّه مَقْلوبٌ مِن الأُوباءِ سُمِّي بذلِكَ لمَا فيهِ مِن الوَباءِ.
وقالَ ثابِتُ اللّغَويّ : سُمِّي لتبوُّءِ السُّيولِ به ، وهذا أَحْسَنْ ، وسُئِلَ عنه كثيِّرُ فقال : لأَنَّهم تَبَوَّؤُا به مَنْزلاً.
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان وقبله :
رب العباد ، ما لنا وما لك |
|
قد كنت تسقينا فما بدا لك |
وفي الأساس برواية :
أمطر علينا الغيث لا أبا لكا
(٣) ديوان الهذليين ١ / ١١٣ والكاف في أبوتك تعود على ليلى ابنة المرثي ، ويروى :
أحيا أباكن يا ليلى الأماديح
والروايتان في اللسان ، وبالرواية الأولى في الصحاح.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٩٩ واللسان.
(٥) اللسان.
(٦) في ياقوت : بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً.
(٧) عن ياقوت والنبات لأبي حنيفة ، وبالأصل «الحزم».
(٨) كذا ، وفي ياقوت : السواءُ.