احس الوهابيون الذين اتفقوا حول هذه الشخصية ذات الشعبية منذ ١٨٢٢ بانهم قد شفوا من الضربة التي وجهت اليهم إلى الدرجة التي دفعتهم إلى القضاء على الحامية المصرية في بلدة الرياض التي قامت على انقاض الدرعية (١). واخذت الحركة التي شجعها هذا النجاح بالاتساع إلى ان تحولت في ١٨٢٤ إلى انتفاضة حقيقية انتهت بطرد الحاميات المصرية من وسط شبه الجزيرة العربية واعلان تركي بن عبدالله اميراً لنجد. وقد افلح الحاكم الوهابي الجديد في التصالح مع والي مصر بعد ان اظهر له الطاعة ووافق ، من اجل ان يؤكد تبعيته له ، على ان يدفع لمصر جزية غير كبيرة (٢). وهكذا باشر تركي بن عبد الله الذي لم يعد يشعر بالقلق من جانب المصريين ، باستعادة ممتلكات ابيه فاعاد في فترة قصيرة من الزمن اخضاع وسط شبه جزيرة العرب باجمعه ثم استولى على الاحساء واجبر عُمان وساحل الخليج الفارسي كله ابتداءً من رأس الحد وانتهاءً بالكويت على الاعتراف بسيادته ودفع الجزية له. وقد قتل تركي بن عبد الله في ١٨٣١ على يد ابن اخته مشاري الذي لم يستطع. مع ذلك ، ان يرث السلطة التي اشتراها بالجريمة ، لانه لم يلبث ان قتل على يد فيصل ابن القتيل تركي (٣). وهكذا خلف فيصل أباه تركي ولكنه لم ينتهج السياسة الحكيمة التي سار عليها ابوه تجاه مصر فهو لم يرفض مساعدة المصريين في صراعهم مع العثمانيين فحسب بل توقف عن دفع الجزية لهم. لهذا فقد توغل في ١٨٣٨ جيش مصري في نجد مرة اخرى وتغلب على قوات فيصل بن
__________________
(١) Anne Blunt, Apligramage to Nejd vol. II (London, ١٨٨١), P. ٢٦٢.
(٢) S. M. Zwemer, Arabia the Cradle of Islam (New- York, ١٩٠٠), P. ١٩٨.
(٣) Aitchison, OP. Cit. vol. X, p. ١٠٢.