قامت السلطات بنشاط مكثف لتشجيع العشائر على الاشتغال بالزراعة ، وانشأت بنايات خاصة اقامت فيها مراكز عسكرية لحماية طرق المواصلات الرئيسة ، وتعاقد محمد رشيد باشا الكوزلكلي في ١٨٥٥ على باخرتين لمكافحة «القراصنة» في الانهار ، وقد ساعدت هاتان الباخرتان كثيراً على اشاعة الا من بالنسبة إلى الملاحة في انهار العراق.
والى جانب تهدئة القبائل العراقية العصية كان يجري عمل ثقافي لنشر الحضارة الاوربية في هذه المنطقة ، وكانت الخطوة الاولى في هذا السبيل هي اصلاح الملاحة النهرية التي كانت ، كالسابق بيد اصحاب الزوارق العرب وكانت متأخرة جداً بحيث لا تفي بمتطلبات التطور اللاحق لتجارة العراق. فقد انشأت حكومة الهند في هذا الوقت بالذات أي قبل ١٨٦٢ رحلات منتظمة للبواخر بين الهند ومواني الخليج وكانت هذه الرحلات في البداية رحلة في كل ستة اسابيع ، ثم اصبحت رحلة في كل شهر واخيراً اصبحت رحلة واحدة في كل اسبوعين. وبالارتباط مع هذه التطورات أنشأ البيت التجاري الانجليزي في بغداد : C Stephen Lynch and (١) بموافقة الحكومة العثمانية سفرات منتظمة للبواخر بين البصرة وبغداد فقد انزل إلى دجلة ، عوضاً عن الملاحة الانجليزية التي كانت قد توقفت في نهر الفرات ، باخرتين هما : «لندن» و «دجلة» (٢). وقد اصبحت هاتان الباخرتان تقومان بعدة رحلات في الشهر تنقلان خلالها البريد والمسافرين والبضائع ذات المنشأ الاجنبي والمحلي على السواء. ومن الناحية الاخرى كانت الباخرتان «بغداد» و «البصرة» اللتان استوردهما الباشا محمد الكوزلكاي بهدف
__________________
(١) ستيفن لنج وشركاؤه. (المترجم).
(٢) T. M. Lycklama a Nijholt, voyage on Russie, au Caucase en perse etc. T. III, (paris, ١٩٠ - ١٩١.