تتوقف ومرة اخرى تتجدد بقوة اشد إلى ان تدخلت الدول الاوربية في القضية واصر ممثلوها في اسطنبول على الباب العالي على ايقاف المذابح. وتحت تأثير هذه المطاليب جهز في ١٨٤٧ جيش قوي تألف من قوات ارسلها باشوات خربوط واورفا وديار بكر وارضروم ، كذلك استجاب باشا بغداد لطلب الباب العالي فامر تابعه الموصل بالانضمام إلى ذلك الجيش الذي عين عثمان باشا قائداً عاماً له. وقد اندحر البيكات الاكراد الذين رفضوا القاء السلاح طوعاً في عدة معارك متتالية استسلم بعدها بدرخان بيك ونورا لله بيك فطردا من كردستان إلى الابد واخضع الاقليم للدولة العثمانية وعين لادارته موظفون عثمانيون بدلاً من الذين البيكات كانوا يحكمونه في السابق حكماً وراثياً شبه مستقل (١).
تؤشر السنة التي اخمدت فيها الانتفاضة الكردية انعطافاً في نشاط والي بغداد محمد نجيب باشا الذي كانت سلطته قد تعرضت منذ قليل لجميع القيود المرتبطة بتطبيق المركزية في العراق ، فلم يعد بمقدور والي بغداد الذي جُرد من وظائفه القضائية السابقة بما فيها الوظائف البوليسية وكذلك من سلطته العسكريةَ ، مكافحة الفوضى المتزايدة في العراق. كما ادى استحداث منصبي المراقب المالي العام وقائد الفليق السادس في بغداد ومنح الوالي الادارة المدنية احتكاراً ، إلى تعدد مراكز السلطة وقد تجسد ذلك بشكل اوضح بسبب من ان جميع هؤلاء الاداريين كانوا مستقلين بعضهم عن البعض الاخر ولم يكن الواحد منهم مسؤولاً إلا امام الادارة التي ينتسب اليها أي وزارات المالية والحربية والداخلية (٢). وهكذا لم يعد بامكان محمد نجيب باشا الذي شلّ نشاطه بهذا الشكل ان يقتص لامن بني
__________________
(١) Badger, OP. Cit. vol. l, l, pp. ٢٧٢ - ٢٧٤.
(٢) Ed. Engrlhardt, OP. Cit. T. l. p, ١٠٧.