قالَ ابنُ سِيدَه : الهِجانُ مِن الإِبِلِ البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ والعِتْقِ من نُوقٍ هُجُنٍ وهَجائِن وهِجانٍ ، فمنهم مَنْ يَجْعَله مِن بابِ جُنُبٍ ، ومنهم مَنْ يَجْعَله تَكْسِيراً ، وهو مَذْهَبُ سِيْبَوَيْه ، وذلكَ أَنَّ الأَلِفَ في هِجانٍ الوَاحِد بمنْزِلَةِ أَلِفِ ناقَةٍ كِنَازٍ وامرأَةٍ ضِنَاكٍ ، والأَلِفُ في هِجانٍ في الجَمْعِ بمنْزِلَةِ أَلِفِ ظِرافٍ وشِرَافٍ ، وذلكَ أنَّ العَرَبَ كَسَّرَتْ فِعَالاً على فِعَالٍ ، كما كَسَّرَتْ فَعِيلاً على فِعَالٍ ، وعُذْرُها في ذلكَ أَنَّ فَعِيلاً أُخْتُ فِعَالٍ ، أَلا تَرَى أَنَّ كلَّ واحِدٍ منهما ثلاثيُّ الأصْلِ وثالِثُهُ حَرْفُ لينٍ؟ وقد اعْتَقَبَا أَيْضاً على معْنًى واحِدٍ ، نَحْو كَلِيبٍ وكِلابٍ وعَبِيدٍ وعِبَادٍ ، فلمَّا كان كذلِكَ كُسّر أَحَدُهما على ما كُسِّرَ عليه صاحِبُه فقيلَ : ناقَةٌ هِجانٌ وأَيْنُقٌ هِجانٌ.
وقالَ الأصْمعيُّ ، رحِمَه اللهُ تعالى ، في قَوْلِ عليٍّ ، كرَّمَ اللهُ تعالى وَجْهه :
«هذا جَنايَ وهجانُه فيه |
|
إذ كلّ جانٍ يدُه إلى فيه» |
، يعْنِي خِيارَه وخالِصَه.
ومِن المجازِ : الهاجِنُ : زَنْدٌ (١) لا يُورِي بقَدْحَةٍ واحِدَةٍ ، وفيه هُجْنَةٌ شَديدَةٌ.
وفي الأساسِ : في زِنادِه هُجْنَةٌ إذا كانَ أَحدُ الزَّنْديْنِ وارِياً والآخَرُ صَلُوداً.
ويقالُ : هَجَنَتْ زَنْدُ (٢) فلانٍ ؛ قالَ بشْرٌ :
لعَمْرُكَ لو كانتْ زِنادُكَ هُجْنةً |
|
لأَوْرَيْتَ إذ خَدِّي لخَدِّكَ ضارعُ (٣) |
والهاجِنُ : الصَّبِيَّةُ الصَّغِيرَةُ.
وفي المُحْكَم : هي المرْأَةُ تُزَوَّجُ قبل بُلوغِها ، وكَذلِكَ الصَّغيرَةُ مِن البَهائِم.
والهاجِنُ : العَناقُ التي تَحْمِلُ قبل بُلوغِ أَوانِ السِّفادِ ، والجَمْعُ هَواجِنٌ ، ولم يُسْمَعْ له فِعْلٌ ، وعَمَّ به بعضُهم إناثَ نَوْعَي الغَنَم. أَو كُلُّ ما حُمِلَ عليها قَبْل بُلوغِها قالَهُ ثَعْلَب فلم يَخُصَّ به شيئاً من شيءٍ.
والهاجِنَةُ : النَّخْلَةُ تَحْمِلُ صَغِيرَةً ، كالمُتَهَجِّنَةِ.
وفِعْلُ الكُلِّ يَهْجِنُ ويَهْجُنُ ، من حَدَّيْ ضَرَبَ ونَصَرَ ، ما عَدا الهَاجِنُ بمعْنَى العَناقِ ، فإنَّه لم يُسْمَعْ له فِعْلٌ كما تقدَّمَ.
والمَهْجَنَةُ ، كمَشْيَخَةٍ ، والمَهْجَنَا* والمَهْجُنا ، بضمِّ الجيمِ وتُمَدُّ : القَوْمُ لا خَيْرَ فيهم.
وفي الأساسِ : قَوْمٌ مَهْجَنَةٌ ، كمَشْيَخَةٍ ، هُجَناءُ ومَهاجِينُ ومَهاجِنَةُ.
والمُهَجَّنَةُ ، كمُعَظَّمَةٍ : هي المَمْنوعةُ مِن فحولِ الناسِ إلَّا مِنْ فُحولِ بِلادِها لعِتْقِها وكَرَمِها ؛ قالَ كَعْبٌ :
حَرْفٌ أَخوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ |
|
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليلُ (٤) |
وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لأَوْس :
حَرْفٌ أَخوها أَبوها من مُهَجَّنةٍ |
|
وعَمُّها خالُها وَجْناءُ مِئْشِيرُ (٥) |
وقالَ : هي الناقَةُ أَوَّلَ ما تَحْمِل.
وقيلَ : هي التي حُمِلَ عليها في صِغَرِها.
وقيلَ : أَرادَ بها أَنَّها مِن كِرامِ الإِبِلِ.
وقالَ الأزْهرِيُّ : هذه ناقَةٌ ضَرَبَها أَبوها ليسَ أَخوها ، فجاءَتْ بذَكَرٍ ، ثم ضَرَبَها ثانيةً فجاءَتْ بذَكَرٍ آخَر ، فالوَلَدانِ إبْناها لأنَّهما وُلْدَا منها ، وهُما أَخواها أَيْضاً لأَبيها لأنّهما وَلَدَا أَبيها ، ثم ضَرَبَ أَحدُ الأَخَوَيْن الأُمَّ فجاءَتْ الأُمُّ بهذه الناقَةِ وهي الحَرْفُ ، فأَبُوها أَخُوها لأُمِّها لأنَّه وُلِدَ مِن أُمِّها ، والأخُ الآخَرُ الذي لم يَضْرِبْ عَمُّها لأنَّه
__________________
(١) في الأصل : «زنداً» والتصويب عن القاموس.
(٢) في اللسان : زندة.
(٣) اللسان والتهذيب.
(*) كذا بالأصل ، وفي القاموس : المَهْجُنَى.
(٤) من قصيدته بانت سعاد ، شرح ابن هشام ص ٢٥ واللسان والأساس والتهذيب والتكملة.
(٥) ديوان أوس بن حجر ط بيروت ص ٤١ واللسان وصدره في التهذيب.