ففَرق بينَ المَصْدَرَيْن ، واللَّيْث لم يَفْرِقْ بَيْنهما ، وأَجازَ للشاعِرِ طَعناناً في البيتِ لأنَّه أَرادَ أنَّهم طَعَنْوا فأَكْثَرُوا فيه وتَطاوَل ذلِكَ منهم ، وفَعَلانٌ يَجِيءُ في مَصادِر ما يُتَطاوَلُ فيه ويُتَمادَى ويكونُ مُناسِباً للمَيْل والجَوْر ؛ قالَ اللَّيْثُ : والعَيْن مِن يَطْعُنُ مَضْمومَة.
قالَ : وبعضُهم يقولُ يَطْعُن بالرُّمْح ، ويَطْعَن بالقَوْلِ ، ففَرق بَيْنهما ، ثم قالَ اللّيْثُ : وكِلاهُما يَطْعُنُ.
وقالَ الكِسائي : لم أَسْمَعْ أَحداً مِن العَرَبِ يقولُ يَطْعَنُ بالرُّمْح ولا في الحَسَبِ ، إنّما سَمِعْتُ يَطْعُن.
وقالَ الفرَّاء : سَمِعْتُ أَنا يَطْعَنُ بالرُّمْحِ.
ومِن المجازِ : طَعَنَ في المفازَةِ : أي ذَهَبَ فيها ومَضَى يَطْعَنُ ويَطْعُنُ.
ومِن المجازِ : طَعَنَ (١) اللَّيلَ : سارَ فيه كلَّه. يقالُ : خَرَجَ يَطْعنُ الليلَ أي يَسْرِي فيه ؛ قالَ حُمَيْدُ بنُ ثورٍ :
وطَعْني إليك الليلَ حِضْنَيْه إنني |
|
لِتلِك إذا هابَ الهِدَانُ فَعُولُ (٢) |
ومِن المجازِ : طَعَنَ الفَرَسَ في العِنانِ : إذا مَدَّه وتَبَسَّط في السَّيْرِ ؛ قالَ لبيدٌ ، رضِيَ الله تعالى عنه :
تَرْقَى وتَطْعُنُ في العِنانِ وتَنْتَحي |
|
وِرْدَ الحَمامَةِ إذ أَجَدَّ حَمامُها (٣) |
والفرَّاءُ يجيزُ الفتْحَ في جَميعِ ذلِكَ.
والمِطْعانُ : الكثيرُ الطَّعْنِ للعَدُوِّ ، كالمِطْعَنِ ، كمِنْبرٍ ، ج مَطاعِينُ ومَطاعِنُ ؛ وقالَ :
مَطاعِينُ في الهَيْجا مَكاشِيفُ للدُّجَى |
|
إذا اغْبَرّ آفاقُ السماءِ مِن القَرْصِ (٤) |
وتَطاعَنُوا في الحَرْبِ تَطاعُناً وطَعَناناً ، ظاهِرُ سِياقِه أنَّه بالتَّحْريكِ والصَّوابُ طِعِنَّاناً بكَسْرَتَيْن فشدِّ النُّون وهي نادِرَةٌ ، وطِعاناً بالكسْرِ هو مَصْدَر طَاعنُوا لا تَطاعَنُوا ؛ قالَ :
كأنه وَجْهُ تُرْكِيَّيْنِ قد غَضِبا |
|
مُسْتَهْدِفٌ لطِعَان فيه تَذْبيبُ (٥) |
واطَّعَنُوا ، على افْتَعَلوا ، أُبْدِلَتْ تاءُ اطْتَعَنَ طاء البتَّةَ ثم أُدْغِمَتْ.
قالَ الأزْهرِيُّ : التَّفاعُل والافْتِعالُ لا يكادُ يكونُ إلَّا بالاشْتِراكِ مِن الفاعِلِين منه (٦) مِثْل التَّخَاصُم والاخْتِصامِ والتَّعاوُرِ والاعْتِوارِ.
وفي الحدِيثِ : «فَنَاءُ أُمَّتي بالطَّعْنِ والطَّاعُون» ، فالطَّعْنُ : القَتْلُ بالرِّماحِ ، والطَّاعونُ : المَرَضُ العامُّ والوَباءُ الذي يَفْسُد له الهَواءُ فتَفْسدُ به الأَمْزِجَة والأبْدان ؛ أَرادَ أنَّ الغالِبَ على فَنَاءِ الأُمَّةِ بالفِتَنِ التي تُسْفَك فيها الدِّماءُ وبالوَباءِ ؛ ج طَواعِينُ.
وقد طُعِنَ الرَّجلُ والبَعيرُ ، كعُنِيَ : أَصابَهُ ، فهو طَعِينٌ ومَطْعونٌ.
وقالَ الزَّمَخْشريُّ : وهو مجازٌ مِن الطَّعْن لتَسْمِيتهم الطَّواعِين رِمَاحَ الجِنِّ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
الطَّعْنَة : أَثَرُ الطَّعْنِ ، والجَمْعُ طَعْنٌ ، ومنه قوْلُ الهُذَليّ :
فإنَّ ابنَ عَبْسٍ قد عَلِمْتُمْ مكانه |
|
أَذَاعَ به ضَرْبٌ وطَعْنٌ جَوائِفُ (٧) |
فإنَّه أَرادَ جَمْع طَعْنة بدليلِ قوْلِه جَوائِف.
والمطعنةُ : التَّطاعنُ بالرِّماحِ.
__________________
(١) قوله «طعن» ليس في القاموس.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٧٧ واللسان والصحاح والأساس.
(٤) اللسان بدون نسبة.
(٥) اللسان بدون نسبة.
(٦) في التهذيب : إلا باشتراك الفاعلين فيه.
(٧) اللسان.