وأَصْلُ الإِحْصانِ : المَنْعُ.
والمرأَةُ تكونُ مُحْصَنَة بالإِسْلامِ والعَفافِ والحرِّيةِ والتَّزْويجِ.
ونَقَلَ الجَوْهرِيُّ عن ثَعْلَب : كلُّ امْرأَةٍ عَفِيفةٍ مُحْصَنةٌ ومُحْصِنةٌ ، وكلُّ امْرأَةٍ مُتَزَوِّجةٍ مُحْصَنةٌ لا غَيْر.
أَو أَحْصَنَتْ : إِذا حَمَلَتْ ، فكأنَّ الحَمْلَ أَحْصَنَها مِن الدّخولِ بها.
والحَواصِنُ مِنَ النِّساءِ : الحَبالَى لأَجْلِ ذلِكَ ؛ قالَ :
تُبِيلُ الحَواصِنُ أَبْوالَها
ورَجُلٌ مُحْصَنٌ ، كمُكْرَمٍ ، يكونُ بمعْنَى الفاعِلِ والمَفْعولِ ؛ وقد أَحْصَنَهُ التَّزَوُّجُ.
وأَحْصَنَ الرَّجُلُ : إِذا تَزَوَّجَ ؛ قالَ الشاعِرُ :
أَحْصَنُوا أُمَّهُمْ مِنْ عَبْدِهم |
|
تلكَ أَفْعالُ القِزام الوَكَعهْ (١) |
أي زَوَّجُوا.
وأَمَّا قَوْله تعالَى : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) (٢).
فإِنَّ ابنَ مَسْعودٍ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه ، قَرَأَ : فإِذا أَحْصَنَّ ، وقالَ ؛ إِحْصانُ الأَمَةِ إِسْلامُها.
وكانَ ابنُ عبَّاسٍ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهما ، يَقْرأُها (فَإِذا أُحْصِنَّ) ، على ما لم يسمَّ فاعِلُه ، ويفسِّرُه : فإِذا أُحْصِنَّ بزَوْجٍ ، وكانَ لا يَرى على الأَمةِ حدًّا ما لم تزوَّجْ ، وبقَوْلِه يقولُ فُقهاءُ الأَمْصارِ ، وهو الصَّوابُ.
وقَرَأَ ابنُ كَثيرٍ ونافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وعبدُ اللهِ بنُ عامِرٍ ويَعْقوبُ : (فَإِذا أُحْصِنَّ) ، بضمِّ الأَلفِ ، وقَرَأَ حفْص عن عاصِمٍ مِثْلَه ، وأَمَّا أَبو بَكْرٍ عن عاصِمٍ فبفتحِ الأَلفِ ، وقَرَأَ حَمْزةُ والكِسائيُّ بفتحِ الأَلفِ.
وقالَ الزَّجَّاجُ في قوْلِهِ تعالَى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) (٣) أَي مُتَزَوِّجِينَ غَيْرَ زُناةٍ ، قالَ : والإحْصانُ إِحْصانُ الفَرْجِ وهو إِعْفافُه ؛ ومنه قوْلُه تعالَى : (أَحْصَنَتْ فَرْجَها) ، أَي أَعفَّتْه.
قالَ الأَزْهرِيُّ : والأَمَةُ إِذا زُوِّجَتْ جازَ أَنْ يُقالَ قد أُحْصِنَتْ ، لأَنَّ تَزْوِيجها قد أَحْصَنَها ، وكَذلِكَ إِذا أُعْتِقَتْ فهي مُحْصَنَةٌ ، لأَنَّ عِتْقَها قد أَعَفَّها ، وكَذلِكَ إذا أَسْلَمت فإِنَّ إِسْلامَها إِحْصانٌ لها.
قالَ سِيْبَوَيْه : وقالوا بناءٌ حَصِينٌ وامرأَةٌ حَصَانٌ ، فَرَّقوا بينَ البِنَاءِ والمرأَةِ حينَ أَرادُوا أَنْ يَخْبروا أَنَّ البِنَاءَ مُحْرِزٌ لمَنْ لجأَ إِليه ، وأَنَّ المرْأَةَ مُحْرِزة لفَرْجِها.
وقالَ أَبو عُبَيْدٍ : أجْمَعَ القُرَّاء على نَصْبِ الصَّاد في الحَرْفِ الأَوَّل مِن النِّساء ، فلم يَخْتلِفوا في فتْحِ هذه لأَنَّ تأَوِيلَها ذَوَات الأَزْواج يُسْبَيْنَ فيُحِلُّهنَّ السِّباءُ لمَنْ وَطِئها مِن المالِكِين لها ، وتَنْقطِع العِصْمةُ بينهنَّ وبينَ أَزْواجهنَّ بأنْ يَحِضْنَ حَيْضَة ويَطْهُرْنَ منها ، فأَمَّا سِوَى الحَرْف الأَوَّل فالقُرَّاء مُخْتَلِفونَ : فمنهم مَنْ يَكْسِر الصَّاد ، ومنهم مَنْ يَفْتَحها ، فمَنْ نَصَبَ ذَهَبَ إِلى ذَواتِ الأَزْواجِ اللَّاتي قد أَحْصَنَهُنَّ أَزْواجُهنَّ ، ومَنْ كَسَر ذَهَبَ إِلى أَنَّهنَّ أَسْلَمْنَ فأَحْصَنَّ أَنْفسهنَّ فهُنَّ مُحْصِنات.
قالَ الفرَّاءُ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) (٤) ، بنَصْبِ الصَّاد أَكْثَر في كَلامِ العَرَبِ.
وهو مُحْصَنٌ ، كمُسْهَبٍ ؛ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ ، وهو نادِرٌ ، وكذا أَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ ، لا ثالِثَ لهما.
زادَ ابنُ سِيْدَه : وأَسْهَمَ فهو مُسْهَم ؛ وقد تَقَدَّمَ البَحْثُ في ذلِكَ في سَهَبَ.
والحَصانُ ، كسَحابٍ : الدُّرَّةُ لتَحصّنِها في جَوْفِ الصَّدَفِ.
والحِصَانُ ، ككِتابٍ : الفَرَسُ الذَّكَرُ لكَوْنِه حِصْناً لِراكِبِه.
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) النساء ، الآية ٢٥.
(٣) النساء ، الآية ٢٤.
(٤) النساء ، الآية ٢٤.