ومَسْلَكٍ لَطِيفٍ ، وليس
الغَرَضُ حقيقةَ النَّهْيِ عن تَسْمِيتِه ، أَي العِنَبِ ، كَرْماً ، ولكنَّه رَمْزٌ إلى أَنَّ هذا
النَّوْعَ من غيرِ الأَناسِيِّ المُسَمَّى بالاسم المُشْتَقُ من الكَرَمِ أَنْتُم أَحِقَّاءُ بأَن لا
تُؤَهِّلُوهُ لهذه التَّسْميةِ غَيْرَةً للمُسْلِم التَّقِيِّ أَن يُشارَكَ فيما
سَمَّاهُ اللهُ تعالَى وخَصَّهُ بأَنْ جَعَلَه صِفَتَه فضْلاً أن تُسَمُّوا بالكَريمِ مَنْ ليس بمُسْلِم ، فكأَنَّه قالَ :
إن تَأَتّى لكم أَن لا تُسَمُّوه مَثَلاً باسمِ الكَرَمِ ولكن بالجَفْنَةِ أَو الحَبَلَةِ ، أَو الزَّرَجُون ، فافْعَلوا.
قالَ : وقولُه : فإنَّما الكرْمُ ، أي : فإنَّما المُسْتَحِقُّ للاسمِ
المُشْتَقِّ مِنَ
الكَرَم ، الرَّجُلُ المُسْلِمُ.
وقال
الأَزْهَرِيّ : اعلمُ أنَّ
الكَرَمَ الحَقيقيَ هو
مِنْ ضِفَةِ اللهِ تَعالى ، ثُمَّ هو مِنْ صِفَةِ مَنْ آمنَ به وأَسْلَم لأَمْرِه
، وهو مَصْدرٌ يُقامُ مُقام المَوْصوفِ فيُقالُ : رجُلٌ كَرَمٌ ورَجُلان
كَرَمٌ ورِجالٌ كَرَمٌ وامرأَةٌ
كَرَمٌ ، لا يُثَنَّى
ولا يُجْمَع ولا يُؤَنَّثُ لأَنَّه مَصْدرٌ أُقِيمَ مُقامَ المَوْصوفِ ، فخفَّفَتِ
العَرَبُ الكَرْم ، وهم يُرِيدُونَ
كَرَمَ شَجَرَةَ
العِنَبِ ، لما ذُلِّل من قُطوفِه عنْدَ اليَنْعِ وكَثُرَ مِن خيرِهِ في كلِّ حالٍ
، وأَنَّه لا شَوْك فيه يُؤْذِي القاطِفَ ، ونَهَى صلىاللهعليهوسلم ، عن تَسْمِيتِه بهذا الاسْمِ لأَنَّه يُعْتَصَرُ منه المُسْكِرُ المَنْهِي عن شُرْبِه ، وأَنَّه يغيِّرُ عَقْلَ شارِبِه ، ويورثُ شربُه العَداوَةَ والبَغْضاءَ وتبْذيرَ المالِ في غيرِ حقِّه.
وقالَ :
الرَّجُلُ المُسْلِمُ أَحقُّ بهذه الصِّفَةِ مِن هذه الشَّجرةِ.
وقالَ أَبو
بكْرٍ : سُمِّي الكَرْمُ
كَرْماً لأَنَّ
الخَمْرَ المُتَّخَذَة منه تَحُثُّ على السَّخَاءِ وِالكَرَمِ وتأْمرُ
بمكَارِمِ الأَخْلاقِ
فاشْتَقّوا له اسْماً مِن
الكَرَم للكَرَم الذي يَتَولَّد منه ، فكَرِه صلىاللهعليهوسلم ، أَن يُسَمَّى أَصْل الخمر باسْمٍ مأْخُوذٍ مِن الكَرَم وجَعَل المُؤْمِنَ أَوْلَى بهذا الاسْمِ الحَسَن ؛
وأَنْشَدَ :
وِالخَمْرُ مُشْتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ
ولذلِكَ
يُسَمَّى الخَمْرُ راحاً لأنَّ شارِبَها يَرْتاحُ للعَطاءِ أَي يَخِفُّ.
* وممَّا
يُسْتدركُ عليه : (الْكَرِيمِ) : من صِفاتِ اللهِ تعالَى وأَسْمائِهِ ، وهو الكَثيرُ
الخَيْرِ.
وقيلَ :
الجَوادُ.
وقيلَ :
المُعْطي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤُه.
وقيلَ : هو
الجامِعُ لأَنْواعِ الخَيْرِ والفضَائِلِ والشَّرَفِ.
وقيلَ : حميدُ
الفِعالِ.
وقِيلَ :
العَظيمُ.
وقِيلَ : المُنَزَّهُ
عمَّا لا يليقُ.
وقيلَ :
الفضولُ.
وقيلَ :
العَزيزُ.
وقيلَ :
الصَّفُوحُ.
وقد ذَكَرَه
المصنِّفُ. فهذا ما قيلَ في تفْسِيرِ اسْمِه تعالَى.
قالَ بعضُهم : الكَرَمُ إذا وُصِفَ تعالَى به فهو اسْمٌ لإحْسانِه وإنْعامِه ،
وإذا وُصِفَ به الإنْسان فهو اسْمٌ للأَخْلاقِ والأَفْعالِ المَحْمودَةِ التي
تَظْهَرُ منه ، ولا يقالُ : هو
كَريمٌ حتى يظْهَرَ
منه ذلِكَ.
وِالكَرِيمُ أَيْضاً : الحرُّ والنَّجيبُ والسَّخِيُّ والطيِّبُ
الرَّائِحَةِ والطَّيِّبُ الأَصْلِ والذي
كرَّمَ نفْسَه عن
التَّدْنُسِ بشيءٍ من مُخالَفَةِ ربِّه.
وأَيْضاً :
الرَّقيقُ الطَّبْعِ والحَسَنُ الأَخْلاقِ والواسِعُ الصَّدْرِ والحَسِيبُ
والمختارُ والمزينُ المُحْسِن والعَزيزُ عنْدَكَ ؛ والحجُّ ؛ وأَيْضاً : الجهادُ ؛
وفَرَسٌ يُغْزَى عليه ؛ والبَعيرُ يُسْتَقَى به ؛ وهذه الأَرْبَعَةُ ذَكَرَها
المصنِّفُ.
و (كِتابٌ كَرِيمٌ) : أَي مَخْتُومٌ أَو حَسَنٌ ما فيه.
وقُرآنٌ كَرِيمٌ : يُحْمَدُ ما فيه مِن الهُدى والبَيانِ والعِلْم
والحِكْمَةِ.
وقَوْلٌ كَريمٌ : سَهْلٌ ليِّنٌ.
و (رِزْقٌ كَرِيمٌ) : أَي كثيرٌ ؛ وقد ذَكَرَهما المصنِّفُ.
ومدخلٌ كَريمٌ : حَسَنٌ.
وِالكَرِيمُ أَيْضاً : الرَّئيسُ والعَفيفُ ، والجَميلُ ،
والعَجِيبُ ، والغَريبُ ، والعالِمُ ، والنَّفِيسُ ، والمَطَرُ