تعالَى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) (١) ، فذكَّرَ ، وقالَ اللهُ تعالَى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) (٢) ، فأَنَّثَ.
قالَ الجَوْهرِيُّ : فإنْ صَغَّرْتَ لم تدخلْ فيها الهاء وقُلْت قُوَيْمٌ ورُهَيْطٌ ونُفَيْرٌ ، وإِنَّما يلحَقُ التأْنيثُ فِعْلَه ، وتَدْخل الهاءُ فيمَا يكونُ لغيرِ الآدَمِيِّين مِثْل الإِبِلِ والغَنَم لأنَّ التأْنِيثَ لازِمٌ له ، فأَمَّا جَمْع التكْسِيرِ مِثَال مَسَاجِد وجِمال ، وإن ذُكِّر وأُنِّث ، فإنَّما تُرِيدُ الجَمْع إذا ذَكَّرت ، وتُريدُ الجَماعَةَ إذا أَنَّثْت.
وقالَ ابنُ سِيْدَه : وقوْلُه تعالَى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (٢) إنَّما أَنَّث على معْنى كذَّبَتْ جماعَةُ قوْمُ نوحٍ ، وقالَ المُرْسَلين ، وإنْ كانوا كذَّبوا نوحاً وحْدَه ، لأنَّ مَنْ كذَّبَ رَسُولاً واحِداً مِن رُسُل اللهِ فقد كذَّبَ الجَماعَة وخالَفَها ، لأنَّ كلَّ رَسُولٍ يأْمُرُ بتَصْدِيقِ جَمِيعِ الرُّسُل ، وجَائِز أَن يكونَ كذَّبتْ جَماعَة الرُّسُل.
وحَكَى ثَعْلَبٌ : إِنَّ العَرَبَ تقولُ : يا أَيُّها القَوْم كفُّوا عنَّا وكُفّ عَنَّا ، على اللَّفْظ وعلى المعْنَى.
وقالَ مرَّةُ : المخاطَبُ واحِدٌ والمعْنَى الجَمْع ؛ ج أَقْوامٌ ، وِجج جَمْعُ الجَمْع أَقاوِمُ وِأَقاوِيمُ (٣) ؛ قالَ أَبو صَخْرٍ الهُذَليُّ أَنْشَدَه يَعْقوب :
فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا |
|
فُؤَادَكَ لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقاوِمُ (٤) |
ويُرْوَى : الأَقاوِيمُ ، وعَنَى بالقَلْبِ العَقْلَ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لخُزَزَ بنِ لَوْذانَ :
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرَو بنَ لأْ |
|
يٍ حَيْثُ كانَ مِن الأَقاوِمْ (٥) |
قالَ ابنُ بَرِّي : ويقالُ قَوْمٌ مِن الجنِّ وناسٌ مِن الجنِّ وِقوْمٌ مِن المَلائِكَة ؛ قالَ أُميَّة :
وِفيها مِنْ عِبادِ اللهِ قَوْمٌ |
|
مَلائِكُ ذُلِّلوا وهُمُ صِعابُ (٦) |
وِقالَ ابنُ السِّكِّيت : يقالُ : أَقائِمُ وِأَقاوِمُ ، كما في الصِّحاحِ. وِقامَ يَقُومُ قَوْماً وِقَوْمَةً وِقِياماً ، بالكَسْرِ ، وِقامَةً : انْتَصَبَ.
قالَ ابنُ الأَعْرَابيّ : قالَ عبدٌ لرجُلٍ أَرادَ أَنْ يَشْترِيَه : لا تَشْتَرني فإنِّي إذا جُعْتُ أَبْغَضْتُ قَوْماً ، وإِذا شَبِعْتُ أَحْبَبْتُ نَوْماً ، أَي أَبْغَضْتُ قِياماً مِن مَوضِعِي ؛ قالَ :
قد صُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صَامَتِي |
|
وِقُمْتُ لَيْلي فتقَبَّل قامَتي |
وقالَ بعضُهم : إنَّما أَرادَ صَوْمَتي وِقَوْمَتي ، فأَبْدَلَ مِن الواوِ أَلِفاً.
وأَوْرَدَ ابنُ بَرِّي هذا الرَّجز شاهِداً على القَوْمة :
قد قُمْتُ لَيْلي فتَقَبَّلْ قَوْمَتي |
|
وِصُمْتُ يَوْمي فتقَبَّل صَوْمَتي |
فهو قَائِمٌ مِن قُوَّمٍ وِقُيَّم ، بالواوِ وبالياءِ ، كسُكَّرِ فيهِما ، وِقُوَّامٍ وِقُيَّامٍ ، كرُمَّانٍ فيهما. ويقالُ : قِيَّم وِقِيَّام ، بكسْرِهما.
وقيلَ : قَوْمٌ اسْمٌ للجَمْعِ.
ونِساءٌ قُيَّمٌ وِقَائِمَات أَعْرَف ، كما في التَّهْذيبِ.
وِقاوَمْتُه قِواماً ، بالكسْرِ : قُمْتُ معه ، صحَّتِ الواوُ في قِوامٍ لصحَّتِها في قاوَمَ.
وفي الحَديْثِ : «مَن جَالَسَه أَو قاوَمَه في حاجَةٍ صَابَره».
قالَ ابنُ الأَثيرِ : أَي إذا قامَ معه ليَقْضِي حاجَتَه صَبَرَ عليه إلى أَنْ يَقْضِيها.
وِالقَوْمَةُ : المَرَّةُ الواحِدَةُ ، كما في الصِّحاحِ.
وِما بينَ الرَّكْعَتَيْنِ مِن القِيامِ : قَوْمَةٌ.
__________________
(١) الأنعام ، الآية ٦٦.
(٢) الشعراء ، الآية ١٠٥.
(٣) في اللسان : أقوام وأقاوم وأقايم.
(٤) شرح أشعار الهذليين ، في زيادات شعره ٣ / ١٣٣٢ واللسان والصحاح.
(٥) اللسان.
(٦) اللسان.