«فهو قطب الولاية ونقطة الهداية وخطة البداية والنهاية ، يشهد بذاك أهل العناية ، وينكره أهل الجهالة والعماية ، وقد ضمّنه أمير المؤمنين عليهالسلام أيضاً في قوله : كالجبل ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليّ الطير ، وهذا رمز شريف لأنّه شبّه العالم في خروجهم من كتم العدم بالسيل وشبّه ارتفاعهم في ترقّيهم بالطير ، لأنّ الأوّل ينحدر من الأعلى إلى الأدنى ، والثاني يرتفع من الأدنى إلى الأعلى ، فقوله : «ينحدر عنّي السيل» إشارة إلى أنّه باطن النقطة التي عنها ظهرت الموجودات ولأجلها تكوّنت الكائنات ، وقوله : «ولا يرقى إليّ الطير» ، إشارة إلى أنّه أعلى الموجودات مقاماً ولسائر البريّات إماماً ، ولهم في الحشر قائداً وقسّاماً ، فهو قسيم نور الحضرة النبوية المحمدية ، صاحب الولاية الإلهية ، فهو الكلمة الربانية ، ومولى سائر البرية ، ولقد أحسن ابن أبي الحديد إذ فوق سهم التوفيق رامياً لهذا المرمى الدقيق عن قوس التحقيق ، فقال :
واللّه لولا حيدر ما كانت |
|
الدنيا ولا جمع البرية مجمع |
وإليه في يوم المعاد حسابنا |
|
وهو الملاذ لنا غداً والمفزع» (١) |
الثاني : لا يخفى أنّ النقطة مركز الدائرة ، وأمير المؤمنين علي هو مركز الحقّ وقطبه ومحوره ، كما قال النبي ـ في الخبر المتواتر عند الفريقين السنّة والشيعة ـ عليّ مع الحقّ ، والحقّ معه يدور حيثما دار.
فمن كان من شيعته ومواليه ، كان مع الحقّ ، وإنّه قد ركب سفينة النجاة ، ومن تخلّف عنه غرق وهوى ، واُمّه هاوية نار حامية.
فمولى الموحّدين أمير المؤمنين هو نقطة عالم الوجود والنور والحقّ ،
__________________
(١) مشارق أنوار اليقين : ٥١.