نور محمد صلىاللهعليهوآله ، وفي الخبر الشريف : أوّلنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد وكلّنا محمد ، كما أوّلهم علي وأوسطهم علي وآخرهم علي وكلّهم علي ، ونورهم من نور اللّه سبحانه وعلمهم من علمه وقدرتهم من قدرته ، فهم مظهر أسمائه وصفاته.
وعلي عليهالسلام نقطة دائرة الإمكان ومركزها ومحورها وقطب حركتها ، فهو قلب العالم وسلطانه ، والحافظ والواسطة في الفيوضات الإلهية على الممكنات والخلائق من بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فهو الصادر الأوّل بعد النبيّ المختار ، وهو إمام الكلّ في الكلّ لاحتياج الكلّ إليه ، وهو باب اللّه المبتلى به الناس ، مَن أتاه نجى ومن تخلّف عنه غرق وهوى ، فهو مفتاح مشيّة اللّه واستفاضة فيضه المطلق بعد نبيّه الأكرم ، وبيُمنه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، فإنّه لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها ، فهو حجة اللّه الأعظم ، فهو الأوّل في المخلوقات بعد الرسول ، وهو الآخر في الغايات ، وهو الظاهر في فضائله ، وهو الباطن في أسراره ، فهو نقطة الوجود وسرّ المعبود ، وهو الشاهد والمشهود.
أجل : قالت البشرية في عالم الذرّ في قوله تعالى : (ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ، ولم يقولوا نعم ، فلولا المولى عليهالسلام لما أمكنهم قول بلى ، فإنّ نقطة تعين المتكلّم على قوله (بلى) ، وذرية بني آدم لولا النقطة لتلجلجوا من اليوم الأوّل في توحيدهم ، وعلي عليهالسلام هو النقطة.
فمثل علي عليهالسلام يكون قطب عالم الإمكان ، وقد أشار إلى ذلك في نهجه ، في الخطبة الشقشقية ، قائلا : «وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليّ الطير» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة ، صبحي الصالح ، الخطبة الثالثة : ٤٨.