عن علي عليهالسلام ، قال : أتاه ابن الكوّاء ، فقال : أخبرني يا أمير المؤمنين عن اللّه تبارك وتعالى ، هل كلّم أحداً من ولد آدم قبل موسى؟ فقال علي عليهالسلام : قد كلّم اللّه جميع خلقه برّهم وفاجرهم ، وردّوا عليه الجواب ، فثقل ذلك على ابن الكوّاء ولم يعرفه ، فقال له : كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له : أو ما تقرأ كتاب اللّه إذ يقول لنبيّه : (وَإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأشْهَدَهُمْ عَلى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ، فقد أسمعهم كلامه وردّوا عليه الجواب ، كما تسمع في قول اللّه يا ابن الكوّاء (قالُوا بَلى) ، فقال لهم : إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا وأنا الرحمن الرحيم ، فأقرّوا له بالطاعة والربوبية ، وميّز الرسل والأنبياء والأوصياء ، وأمر الخلق بطاعتهم ، فأقرّوا بذلك في الميثاق ، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك : شهدنا عليكم يا بني آدم أن تقولوا يوم القيامة : إنّا كنّا عن هذا غافلين.
أقول : والرواية كما تقدّم ، وبعض ما يأتي من الروايات ، يذكر مطلق أخذ الميثاق من بني آدم من غير ذكر إخراجهم من صلب آدم وإراءتهم إيّاه ، وكان تشبيههم بالذرّ كما في كثير من الروايات تمثيل لكثرتهم كالذرّ لا لصغرهم جسماً أو غير ذلك ، ولكثرة ورود هذا التعبير في الروايات سمّيت هذه النشأة بعالم الذرّ.
وفي الرواية دلالة ظاهرة على أنّ هذا التكليم كان تكليماً حقيقياً لا مجرّد دلالة الحال على المعنى. وفيها دلالة على أنّ الميثاق لم يؤخذ على الربوبية فحسب ، بل على النبوّة (والإمامة) وغير ذلك ، وفي كلّ ذلك تأييد لما قدّمناه.
ثمّ يذكر الروايات الاُخرى من الشيعة والسنّة في هذا الباب ، فراجع ، وقال قدسسره : وليس من البعيد أن يدّعى تواتره المعنوي (الصفحة ٣٢٩).