ولا يرد عليه ما اُورد على قول المثبتين في تفسير الآية على ما فهموه من معنى عالم الذرّ من الروايات على ما تقدّم ، فإنّ هذا المعنى المستفاد من سائر الآيات والنشأة السابقة التي تثبته لا تفارق هذه النشأة الإنسانية الدنيوية زماناً ، بل هي معها محيطة بها ، لكنّها سابقة عليها السبق الذي في قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُون) ، ولا يرد عليه شيء من المحاذير المذكورة.
ثمّ يقول : وأمّا الروايات ، فسيأتي أنّ بعضها يدلّ على أصل تحقّق هذه النشأة الإنسانية كالآية ، وبعضها يذكر أنّ اللّه كشف لآدم عليهالسلام عن هذه النشأة الإنسانية ، وأراه هذا العالم الذي هو ملكوت العالم الإنساني ، وما وقع فيه من الإشهاد وأخذ الميثاق ، كما أرى إبراهيم عليهالسلام ملكوت السماوات والأرض.
ثمّ في بحثه الروائي (الصفحة ٣٢٣) ، يذكر روايات عديدة تدلّ على عالم الذرّ ، نكتفي بثلاثة منها ، فقال : في الكافي ، بإسناده ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : إنّ اللّه تبارك وتعالى حيث خلق الخلق ، خلق ماءً عذباً وماءً مالحاً اُجاجاً ، فامتزج الماءان ، فأخذ طيناً من أديم الأرض ، فعركه عركاً شديداً ، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذرّ يدبّون : إلى الجنّة ولا اُبالي ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا اُبالي ، ثمّ قال : ألست بربّكم؟ قالوا : بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين.
وفيه ، بإسناده ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، قال : سألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : (فِطْرَةَ اللّهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، ما تلك الفطرة؟ قال : هي الإسلام ، فطرهم اللّه حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال : ألست بربّكم؟ وفيه المؤمن والكافر.
وفي تفسير العياشي ، وخصائص السيد الرضي ، عن الأصبغ بن نباتة ،