وبعد أن نقل الريّس هذا الحوار قال : لم
يكن الجواب موفّقاً ، وذكر أسباباً وجيهة وصحيحة تدعم حكمه على الكاتب بعدم
التوفيق ، وبعد أن انتهى الريّس من حكمه وأسبابه الموجبة ، قال : لو وجّه إليّ هذا
السؤال لأجبت بأنّ هذه الكلمة هي الرحمة ، واستدلّ على صحّة جوابه هذا بالعديد من
الآيات والروايات مبتدئاً بـ (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
، إلى (وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً
لِلْعالَمِينَ)
... الخ. وصدق الريّس في قوله : إنّ الكاتب لم يكن موفّقاً في جوابه. ولكن الريّس
أيضاً لم يكن موفّقاً في اختياره كلمة الرحمة ، لأنّه لم يزد شيئاً على ما قالته
الإنگليزية ، حيث أخذ كلمة المحبّة منها ، وترجمها إلى كلمة الرحمة ، وعلى هذا لا
يكون للإسلام أية ميزة على المسيحية.
ولو كنت حاضراً مع البعثة العلمية
بإنگلترا لأجبت بكلمة (الاستقامة) ; فإنّها الكلمة الجامعة المانعة الشاملة
للاستقامة في العقيدة بما فيها التوحيد والتنزيه عن الشبيه ، وأيضاً تشمل
الاستقامة في الأعمال والأخلاق والأحكام وجميع التعاليم بما فيها الرحمة والمحبّة
والتعاون ، إنّ الرحمة من مبادىء الإسلام وليست الإسلام بكامله ، كما إنّ التوحيد
أصل من اُصوله لا اُصوله بأجمعها.
وبما أنّ الاستقامة تجمع المحبّة
والرحمة والتوحيد وسائر الاُصول الحقّة والأعمال الخيرية والأخلاق الكريمة
المستقيمة ...
يعتقد الكاتب أنّ الاستقامة هي الكلمة
الجامعة المانعة ، فكأنّما أراد أن يعرّف الإسلام بتمام ماهيته وذاتياته
بالاستقامة التي تكون جامعة لمفاهيم الإسلام ومانعة من غيرها ، والحال إنّما عرف
الإسلام بلازمه ، وهذا من الرسم الناقص وليس تعريفاً تاماً ، بل بنظري الكلمة
الجامعة لمفاهيم الاسلام هو (التسليم) ، التسليم في توحيد اللّه والتسليم للنبوّة
والإمامة والمعاد والأخلاق وكلّ ما يقوله