ومن ذلك ، النظم والترتيب والرسم الذي
في كتبه العلمية ، حيث تظنّ ان ذلك طباع له ، لا يمكنه التحوّل عنه. فاذا تؤمل رسائله
وجد كلامه فيها منشأ ومنظوما على رسوم وترتيبات مخالفة لما في تلك الكتب. وتكفينا «رسالته»
المعروفة الى افلاطون ، في جواب ما كان افلاطون كتب اليه به ، يعاتبه على تأليفه الكتب
وترتيبه العلوم ، واخراجها في تأليفاته الكاملة المستقصاة. فانه يصرح ، في هذه «الرسالة
الى افلاطون» ، ويقول : «اني وان دوّنت هذه العلوم والحكم المضمونة بها ، فقد رتّبتها
ترتيبا لا يخلص اليها الاّ اهلها ، وعبّرت عنها بعبارات لا يحيط بها الاّ بنوها». فقد
ظهر ، مما وصفناه ، ان الذي سبق الى الاوهام من التباين في المسلكين في امر ،
يشتمل عليه حكمان ظاهران متخالفان ، يجمعها مقصود واحد.
٩ ـ لا خلاف بين
افلاطون وارسطو في تفضيل الجواهر
ومن ذلك ايضا ، امر الجواهر ، وان التي
منها اقدم ، عند ارسطوطاليس غير التي منها اقدم ، عند افلاطون. فان اكثر الناظرين
في كتبهما يحكمون بخلاف بين رأييهما في هذا الباب. والذي حداهم الى هذا الحكم ،
وهذا الظن ، هو ما وجدوا من اقاويل افلاطون في كثير من كتبه ، مثل كتاب «طيماوس»
، وكتاب «بوليطيا الصغير»
، دلالة على ان افضل الجواهر واقدمها واشرفها ، هي القريبة
__________________