من العقل والنفس ، البعيدة عن الحس والوجود الكياني. ثم وجدوا كثيرا من اقاويل ارسطوطاليس في كتبه ، مثل كتابه في «المقولات» ، وكتابه في «القياسات الشرطية» ، يصرح بان اولى الجواهر ، بالتفضيل والتقديم ، الجواهر الأول ، التي هي الاشخاص. فلما وجدوا هذه الاقاويل ، على ما ذكرناه من التفاوت والتباين ، لم يشكوا في ان بين الاعتقادين خلافا (١).
والامر كذلك لان من مذهب الحكماء والفلاسفة ان يفرقوا بين الاقاويل والقضايا في الصناعات المختلفة ، فيتكلّمون على الشيء الواحد في صناعة بحسب مقتضى تلك الصناعة؛ ثم يتكلمون على ذلك الشيء بعينه ، في صناعة اخرى ، بغير ما تكلموا به اولا. وليس ذلك ببديع ولا مستنكر؛ اذ مدار الفلسفة على القول من حيث ومن جهة ما. كما قد قيل انه لو ارتفع من حيث ومن جهة ما ، بطلت تلك العلوم والفلسفة. ألا ترى أن الشخص الواحد ، كسقراط مثلا ، يكون داخلا تحت الجوهر ، من حيث هو انسان ، وتحت الكم من حيث هو ذو مقدار ، وتحت الكيف من حيث هو ابيض او فاضل او غير ذلك؛ وفي المضاف ، من حيث هو اب او ابن؛ وفي الوضع ، من حيث هو جالس او متّك. وكذلك سائر ما اشبهه.
__________________
(١) اعتبر أفلاطون المثل أو الماهيات الكائنات الخالدة الأزلية الكاملة في السماء أما الكائنات الحسية علي الارض فاشباح لها أو صور. أما أرسطو فرفض نظرية المثل ولم يعترف إلا بالكائنات الحسية التي سماها جواهر أولي ، وقال ان العقل يجرد من الجزئيات صوراً كلية يدعوها الجواهر الثانية.