ينزّهون النبي عن المعصية وعن ارتكاب الخطأ يقولون : بأن ذلك منفّر ، ويجب أنْ يكون النبي منزّهاً عن المنفّر ، لان الله سبحانه وتعالى قد نصب هذا الشخص لان تكون جميع أعماله حجة ، ولان يكون أُسوة وقدوة في جميع أعماله وحالاته وسيرته وهديه ، فإذا جاء الامر بالانقياد مطلقاً ، جاء الامر بالطاعة المطلقة ، لابد وأنْ يكون المطاع والمنقاد له معصوماً حتى من الخطأ والنسيان.
لو أنك طلبت من أُستاذ أنْ يدرّس ولدك درساً معيّناً ، فجاء في يوم من الايام وقال : بأني نسيت درس اليوم ، أو درّس هذا التلميذ درساً غير ما كان يجب عليه أنْ يدرّس ، أو أخطأ في التدريس ، لربما في اليوم الاول تسامحه ويكون معذوراً عندك ، ولو جاء في اليوم الثاني ، وأيضاً أخطأ في التدريس أو نسي الدرس ، ثم جاء في اليوم الثالث وكرّر تلك القضية أيضاً ، لاشك أنك ستعترض عليه ، وستعوّضه بأُستاذ آخر.
وهكذا لو أن إماماً نُصب في مسجد ، لانْ يأتمّ به الناس في الصلاة ، فسهى في صلاة ، وفي اليوم الثاني أيضا سهى ، وهكذا تكرّر منه السهو أياماً ، لا ريب أن القوم سيجتمعون عليه ، وسيطلبون منه مغادرة هذا المسجد ، وسيتوجهون إلى شخص آخر وينصبونه إماماً لهم ، وهذا شيء طبيعي.