(إن في التعليل نوع إشعار بالكراهة) يؤذن بكون قرينة المجاز عنده الموجبة لإخراج لفظة (١) «لا يحلّ» عن ظاهرها (٢) ـ وهو الحرمة ـ إلى الكراهة ، هو التعليل المذكور. ولا ريب أنه من المقرّر في كلام العلماء الأعلام وأرباب النقض والإبرام ، أن القرينة الموجبة لصرف اللفظ عن حقيقته ما لم تكن صريحة الدلالة ، واضحة المقالة ، فإنّه لا يجوز صرف اللفظ بها عن حقيقته ، ولا إخراجه عن طريقته. وغاية ما ادّعاه هنا أن في التعليل نوع إشعار بالكراهة.
ولا يخفى ما في دلالة الإشعار من الضعف ، ويتأكّد بقوله : (نوع) فهو في معنى إشعار (٣) ، كما هو الجاري في ألسنة الفصحاء ، ومحاورات البلغاء. وحينئذ ، فبمجرّد هذا الإشعار الضعيف لا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره ، ولا إخراجه عن حقيقته.
الثالث : قوله : (لأنّهم لفرط شفقتهم على الناس) ـ إلى آخره ـ فإنه مردود ، بأنه لا يتمّ حتّى يثبت أوّلا الكراهة التي ادّعاها في التعليل المذكور في الخبر. ونحن لا نمنع أنهم ـ صلوات الله عليهم ـ يفعلون ما ذكره ، ولكن كون ما نحن فيه من ذلك القبيل يتوقّف على الدليل ، وإلّا فهو مجرّد تطويل لا اعتماد عليه ولا تعويل.
على أن كلامه هذا غير منطبق على أصل المدّعى ، ولا موافق لموضوع المسألة ، لأن موضوع المسألة وأصل المدّعى هو إطلاق ما ظاهره التحريم ـ كما اعترف به ـ وإرادة الكراهة منه بالقرينة كما زعمه.
وما سجّله وأطال به في المقام ، غير منسجم على هذا الكلام ؛ لأنّه إنّما ذكر ما هو معلوم الكراهة أو الاستحباب ، بحيث لا يحتمل غيرهما في الباب ، ولكنّهم عليهمالسلام علّلوها بالعلل المنفّرة عن الفعل في الأوّل ، والموجبة للترغيب في
__________________
(١) من «ح».
(٢) في «ح» : ظاهره.
(٣) من «ح» ، وفي «ق» : إشعار ما.