إقراره في صحّته ولا في حال مرضه ؛ لعموم : «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (١) ، ولأنه يريد إبراء ذمته من حق عليه في حال الصحة ، ولا يمكن التوصل إليه إلّا بالإقرار فلو لم يقبل بقيت ذمته مشغولة ، وبقي المقرّ له ممنوعا من حقه ، وكلاهما مفسدة ، فاقتضت الحكمة قبول قوله.
وثانيها : أنه من الأصل أيضا ، لكن مع العدالة وانتفاء التهمة مطلقا ، لوارث كان أو أجنبي ، ومن الثلث مع انتفاء أحد القيدين. وهو قول الأكثر ، ومنهم الشيخان (٢) ، والمحقق في (الشرائع) (٣) ، وشيخنا الشهيد الثاني في (المسالك) (٤) ، والسيد السند في (شرح الشرائع) ، والشيخ محمد حسن الحرّ العاملي في (الوسائل) (٥).
وثالثها : ما ذهب إليه المحقق في (النافع) (٦) من التفصيل في الإقرار بين كونه لأجنبي مع التهمة فمن الثلث ، أو مع عدمها فمن الأصل ، وأمّا الإقرار للوارث فمن الثلث مطلقا.
والقول الأوّل قد عرفت دليله ، وأمّا الثاني فيدل عليه بالنسبة إلى الأجنبي صحيحة ابن مسكان عن العلاء بيّاع السابري قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن امرأة استودعت رجلا مالا ، فلمّا حضرها الموت قالت له (٧) : إن المال الذي [دفعته] (٨) إليك لفلانة .. وماتت المرأة ، فأتى أولياؤها الرجل فقالوا له : إن لصاحبتنا مالا ولا نراه إلّا عندك ، فاحلف لنا ما [لها] (٩) قبلك شيء. أيحلف لهم؟ فقال : «إن كانت
__________________
(١) عوالي اللآلي ٣ : ٤٤٢ / ٥ ، وسائل الشيعة ٢٣ : ١٨٤ ، كتاب الإقرار ، ب ٣ ، ح ٢.
(٢) المقنعة : ٦٦٢ ، النهاية : ٦١٧ ـ ٦١٨ ، عنهما في مختلف الشيعة ٦ : ٣٧١ / المسألة : ١٥٣ ، مسالك الأفهام ١١ : ٩٤ ـ ٩٥ ، ملاذ الأخيار ١٥ : ٧.
(٣) شرائع الإسلام ٣ : ١١٩.
(٤) مسالك الأفهام ١١ : ٩٦.
(٥) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٩١ ـ ٢٩٦ ، كتاب الوصايا ، ب ١٦ ، وفيه إلّا أن يكون في مرض الموت ، بدل قيد العدالة.
(٦) المختصر النافع : ٢٦٩.
(٧) من «ح» والمصدر.
(٨) من المصدر ، وفي النسختين : أودعته.
(٩) من المصدر ، وفي النسختين : لنا.