وعلى ذلك أيضا تدلّ الأخبار الآتية. وبذلك يظهر لك صحّة دلالة الآية بطرفيها على القول المشهور.
وأمّا على تقدير قول ابن أبي عقيل فقد حملت الآية على أن قيد الدخول راجع إلى المعطوف والمعطوف عليه ، وأن يكون قوله (مِنْ نِسائِكُمُ) راجعا إلى الجميع أيضا لا إلى الجملة الأخيرة ، فيكون المعنى بالنسبة إلى تعلّقه بالجملة الاولى (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) (١).
وردّ هذا المعنى :
أولا : بأن الوصف والشرط والاستثناء المتعقّب للجمل يجب عوده للأخيرة كما حقّق في الاصول (٢) ، إلّا مع قيام القرينة الدالّة على رجوعه للجميع.
وثانيا : أن رجوع (مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) إليهما معا غير مستقيم ، حيث إن (من) على تقدير التعلّق بالاولى تكون (٣) بيانية لبيان الجنس وتمييز (٤) المدخول بهنّ من غير المدخول بهنّ ، فيكون التقدير ، حرّمت عليكم أمّهات نسائكم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ. وعلى تقدير التعلّق ب (رَبائِبُكُمُ) (٥) تكون ابتدائية لابتداء الغاية ، كما تقول بنات رسول الله صلىاللهعليهوآله من خديجة ، رضياللهعنها. ويمتنع أن يراد بالكلمة الواحدة في الخطاب الواحد معنيان مختلفان (٦).
وثالثا : ما نقلة في كتاب (مجمع البيان) عن الزجّاج من أن الخبرين إذا اختلفا
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) مبادئ الوصول إلى علم الاصول : ١٣٦ ، ١٣٨ ، ١٣٩.
(٣) من «ح».
(٤) في «ح» : تميّز.
(٥) في «ح» : بعدها : من.
(٦) انظر مسالك الأفهام ٧ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.