وأمّا ما تكلّفه المحدّث الكاشاني أيضا في هذا الخبر بناء على ما قدّمنا من كلامه : (فحمل الرفع على رفع البدن المثالي دون العنصري) (١) ، فهو من التكلّفات الباردة والتمحّلات الشاردة ، قال بعد نقل الخبر : (لعل المراد بإلحاقه إلحاق البدن المثالي البرزخي ، وأمّا فقد البدن العنصري عن نظرهما في (٢) القبر ، فلعل ذلك لغيبته عنهما وقتئذ ؛ لأنهما كانا (٣) حينئذ إنما يسمعان ويبصران بمشاعرهما الباطنية (٤) المشاهدة لما في الغيب دون مشاعرهما المشاهدة لما في الشهادة ؛ ولهذا كانا يسمعان من الهاتف الغيبي ما يسمعان ، مع أنا لا نستبعد نقل بدنه العنصري أيضا وإلحاقه بالبدن العنصري للنبي صلىاللهعليهوآله كما أشرنا إليه ؛ فإن مثل هذه الخوارق للعادات دون مرتبته عليهمالسلام) (٥) انتهى.
وفيه زيادة على ما تقدّم أن المزيّة لا تظهر لهم عليهمالسلام إلّا بنقل البدن العنصري ، وإلّا فالبدن البرزخي الذي يجعل للرّوح بعد الموت ممّا يشاركهم فيه سائر المؤمنين كما عرفت آنفا ؛ فإن الروح بعد الموت تجعل في قالب كقالبه في الدنيا وينقلون إلى الجنّة البرزخيّة في ظهر الكوفة.
وحينئذ ، فأيّ فضيلة ومزية له عليهالسلام في النقل ببدنه البرزخي؟ على أن إطلاق النقل على البدن البرزخي من القبر فرع ثبوت وجوده أولا في حال الحياة كما ادّعاه أولا ، وقد عرفت أنه لا دليل عليه. ولكن المحدّث المذكور لما كان مذاقه على مذهب الصوفية الجارين في تفسير الأخبار على طريق الملاحدة من الباطنيّة كان هذا دأبه في تفسير الأخبار وارتكاب التمحّلات في معانيها ، والخروج عن ظواهر ألفاظها كما لا يخفى على من طالع كتبه ومصنّفاته.
__________________
(١) انظر الدرر ٣ : ١٦٠.
(٢) في المصدر : من.
(٣) من «ح» والمصدر.
(٤) من «ح» والمصدر ، وفي «ق» : الباطنة.
(٥) الوافي ١٤ : ١٣٤٠.