العلماء ، وهمّته السلامة ، وحكمته الورع ، ومستقره النجاة ، وقائده
العافية ، ومركبه الوفاء ، وسلاحه لين الكلمة ، وسيفه الرضا ، وقوسه المداراة ،
وجيشه محاورة العلماء ، وماله الأدب ، وذخيرته اجتناب الذنوب ، وزاده المعروف ،
وماؤه الموادعة ، ودليله الهدى ، ورفيقه محبة الأخيار» .
أقول : انظر
إلى هذا الخبر الشريف ، وكيف جعل هذه الأخلاق الملكوتية أجزاء من العلم وآلات له
وأسبابا وأعوانا ، فكيف يكتفى في الحكم بعلم العالم والرجوع إليه والاعتماد في
الأحكام الإلهية عليه بدون معرفتها فيه واتصافه بها؟
قال المحقق
الشارح الملّا محمد صالح قدسسره في شرحه على الكتاب ما صورته : (نبههم على أن العلم إذا
لم يكن معه هذه الفضائل التي بها تظهر آثاره ، فهو ليس بعالم حقيقة ، ولا
يعد صاحبه عالما) .
إلى أن قال بعد
شرح الفضائل المذكورة ما لفظه : (وهي أربعة وعشرون فضيلة من فضائل العلم ، فمن
اتصف بالعلم واتصف علمه بهذه الفضائل ، فهو عالم رباني ، وعلمه نور إلهي ، متصل
بنور الحقّ مشاهد لعالم التوحيد بعين اليقين. ومن لم يتّصف بالعلم أو اتّصف [به
ولم يتّصف] علمه بشيء من هذه الفضائل فهو جاهل ظالم لنفسه ، بعيد عن عالم الحق ،
وعلمه جهل ، وظلمه يرده إلى أسفل السافلين.
وما بينهما
مراتب كثيرة متفاوتة بحسب تفاوت التركيبات في القلة والكثرة ، وبحسب ذلك يتفاوت
قربهم وبعدهم عن الحق ، والكل في مشيئة الله سبحانه إن شاء قربهم ورحمهم ، وإن شاء
طردهم وعذبهم) انتهى ، وهو كما ترى صريح فيما ادعيناه ، واضح فيما
قلناه.
__________________