الدراية) ، حيث (١) قال : (كان قد استقر أمر الإمامية على أربعمائة مصنف سموها اصولا ؛ فكان عليها اعتمادهم ، [ثم] تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الاصول ولخّصها جماعة في كتب خاصة ؛ تقريبا على المتناول. وأحسن ما جمع منها (الكافي) ، و (التهذيب) ، و (الاستبصار) ، و (الفقيه) ..) (٢) انتهى.
وانظر إلى شهادته قدسسره بكون أحاديث كتبنا هي أحاديث تلك الاصول بعينها.
وحينئذ ، فالطاعن في هذه كالطاعن في تلك الاصول مع أنه اعترف بأنّه قد استقر أمر الإمامية ومذهبهم عليها.
ثم إن الظاهر أن تخصيصه هذه الكتب الأربعة بالأحسنية إنما هو من حيث اشتمالها على أبواب الفقه كملا على الترتيب بخلاف غيرها من كتب الأخبار ، كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار. ولا يتوهّم من قوله : (تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الاصول ، ولخّصها) ـ إلى آخره (٣) ـ أن تلخيص تلك الجماعة إنما وقع بعد ذهاب معظمها ؛ فإن ذلك باطل من وجوه :
أولها : أن التلخيص وقع عطفه في كلامه بالواو دون ثم المفيدة للترتيب.
وثانيها : أن الظاهر ـ كما نبّه عليه بعض فضلائنا ـ أن (٤) اضمحلال تلك الاصول إنما وقع بسبب الاستغناء عنها بهذه الكتب التي دونها أصحاب الأخبار ؛ لكونها أحسن منها جمعا وأسهل تناولا ، وإلّا فتلك الاصول قد بقيت إلى زمن السيد رضي الدين بن طاوس رضياللهعنه ، كما ذكر أن أكثر تلك الاصول كانت عنده ، ونقل منها شيئا كثيرا كما يشهد به تتبّع مصنّفاته.
وبذلك يشهد كلام ابن إدريس في آخر كتاب (السرائر) حيث نقل ممّا
__________________
(١) من «ح» ، وفي «ق» : أنه حيث.
(٢) الرعاية في علم الدراية : ٧٢ ـ ٧٣.
(٣) إلى آخره ، ليس في «ح».
(٤) من «م» ، وفي النسختين : فان.