فتيلة سراج أو نحو ذلك. وحينئذ ، فجميع الأحكام المترتبة على النار إنما تنسب إليها لا إلى ما اشتعلت فيه من تلك الأجسام التي قامت بها ووجدت فيها.
ولو فرض نسبة شيء من تلك الأحكام إلى شيء من تلك الأجسام فإنما هو لمجاز المجاورة والقيام. ألا ترى أنه متى اطفئت النار من الفحم بصبّ الماء عليه وكذا على الحديد ونحوه فإنه يعود إلى ما كان عليه أولا؟ ومجرد كون الفحم قد صار بسبب المجاورة على حالة تضاد الحالة الاولى ممّا كان عليه من البرودة والكدورة ونحوهما لا يوجب ما ذكره ؛ فإن المطبوخ بالنار بعد النضج يكون كذلك ولا يلزم منه ما ذكره.
غاية الأمر أن الفحم بسبب اشتعال النار فيه واستيلائها عليه قد تلون بلونها ، والمطبوخ ليس كذلك ، وإلّا فكل منهما إنما خرج عما كان عليه أولا بعمل الحرارة النارية فيه.
وثالثا : ذكره الآية القرآنية واقتباسه لها دليلا على ما ادعاه ، فإنه من قبيل تفسير (القرآن) بالرأي [الذي] (١) منعت منه النصوص الإمامية والأخبار المعصومية (٢) وإن كان ذلك قد صار طريقا للصوفية.
وهذا القائل قد صرّح في مقدمات تفسيره (الصافي) : بأن معنى الأخبار المانعة من تفسير (القرآن) بالرأي هو (أن يكون للمفسر في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه ، فيتأول (القرآن) على وفق رأيه وهواه ليحتج على تصحيح غرضه ومدعاه) (٣).
ولا يخفى أن هذه الآية وإن لم يقف في تفسيرها على نص ، إلّا إن الذي صرّح
__________________
(١) في النسختين : التي.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٢٩ ـ ٣٠ / ٢ ـ ٦.
(٣) التفسير الصافي ١ : ٣٦.