يكون ساقطا عن درجة الاعتبار إلاّ أن يقال هو ساقط باعتبار الدلالة على المعنى ، وإن كان معتبرا من حيث رعاية مقتضى الحال. وبعد يتجه عليه أنّ المعتبر في البلاغة سقوط ما ليس له معنى ثان بمعنى مقتضى الحال لا باعتبار الكون مجازا أو حقيقة. والأحسن أن يقال خصّ صاحب الإيضاح البيان الخالي عن التعقيد بما استعمل في المعنى المجازي لأنّه المحتاج إلى البيان والتوضيح. وأمّا الخلو عن التعقيد المعنوي لعدم معنى ثان فواضح لا حاجة إلى بيان هذا. مثال التعقيد المعنوي قول عباس بن الأحنف : (١)
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا |
|
وتسكب عيناي الدموع لتجمدا. |
فالشاعر قصد إلى أن يحصل المراد بأن يكون في الاستغناء عنه كالهارب ويري نفسه عنه معرضا. ومن هذا حكم بأنّ الحرص شؤم والحريص محروم. وقيل لو لم تطلب الرزق يطلبك. وفي الحديث «زر غبّا تزدد حبّا» (٢).
وبالجملة جعل سكب الدموع وهو البكاء كناية عمّا يلزم فراق المحبوبين من الحزن وأصاب لأنّه واضح الانتقال لأنه كثيرا ما يجعل دليلا عليه وجعل جمود العين كناية عن السرور قياسا على جعل السّكب بمقابله ولم يصب ، لأنّ سكب الدموع قلّما يفارق الحزن بخلاف جمود العين فإنّه يعمّ أزمنة الخلوّ عن الحزن ، سواء كان زمن السرور أو لا ، فلا ينتقل منه إلى السرور بل إلى الخلوّ من الحزن. هذا كلّه خلاصة ما في المطول والأطول والچلپي وأبى القاسم.
التعلّق : [في الانكليزية] Connection ، relationship ـ [في الفرنسية] Rapport ، relation
هو عند أهل العربية نسبة الفعل إلى غير الفاعل ويجيء في تعريف المتعدّي. وعند المتكلّمين هو الإضافة بين العالم والمعلوم.
التعليق : [في الانكليزية] Supension of the transitivity of a verb ، suspension of the reference (Isnad) ـ [في الفرنسية] Supension de la transitivite d\'un verbe ، suspension du renvoi (Isnad)
هو عند النحاة إبطال عمل أفعال القلوب لفظا لا محلا وجوبا نحو : علمت أزيد عندك أم عمرو ، بخلاف الإلغاء فإنّه إبطاله لفظا ومحلاّ جوازا ، كذا في الموشّح شرح الكافية ، وهكذا في الفوائد الضيائية. وعند أهل البديع يطلق على قسم من التصريع كما مرّ. وعند المحدّثين حذف راو واحد أو أكثر من أوائل إسناد الحديث. فالحديث الذي حذف من أوائل إسناده راو واحد فأكثر يسمّى معلّقا كقول الشافعي رحمهالله مثلا : قال نافع أو قال ابن عمر ، أو قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا ما حذف من أواسط إسناده فقط فإنّه منقطع ، ولا ما حذف من أواخره فقط فإنّه مرسل ، كذا في خلاصة الخلاصة. وقد يحذف تمام الإسناد كما هو عادة المصنفين حيث يقول ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد يحذف تمام الإسناد إلاّ الصحابي أو إلاّ التابعي والصحابي معا. وقد يحذف من حدّثه ويضيفه إلى من فوقه فإن كان من فوقه شيخا لذلك المصنّف فقد اختلف فيه ، هل يسمّى تعليقا أم لا ، والصحيح التفصيل. فإن عرف بالنص أو الاستقراء أنّ
__________________
(١) هو العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي اليمامي ، أبو الفضل توفي ببغداد ، وقيل بالبصرة ، عام ١٩٢ هـ / ٨٠٨ م. شاعر غزل رقيق. له ديوان شعر مطبوع. الاعلام ٣ / ٢٥٩ ، وفيات الاعيان ١ / ٢٤٥ ، معاهد التنصيص ١ / ٥٤ ، النجوم الزاهرة ٢ / ١٢٧ ، البداية والنهاية. ١٠ / ٢٠٩.
(٢) أخرجه ابو نعيم في الحلية ٣ / ٣٢٢ ، عن أبي هريرة ، باب عطاء بن أبي رباح ، رقم ٢٤٤ ، وأخرجه السخاوي في المقاصد الحسنة ٢٣٢ ، رقم ٥٣٧.