ضربته تأديبا. وهذا مبني على مذهب سيبويه.
والمصطلح المشهور فيما بينهم أن الإضافة نسبة شيء إلى شيء بواسطة حرف الجر تقديرا ، وبهذا المعنى عدّت في خواص الاسم. وشرط الإضافة بتقدير الحرف أن يكون المضاف اسما مجرّدا عن التنوين ، وهذه قسمان : معنوية أي مفيدة معنى في المضاف تعريفا إذا كان المضاف إليه معرفة ، أو تخصيصا إذا كان نكرة ، وتسمّى إضافة محضة أيضا ، وعلامتها أن يكون المضاف غير صفة مضافة إلى معمولها ، سواء كان ذلك المعمول فاعلها أو مفعولها قبل الإضافة كغلام زيد وكريم البلد ، وهي بحكم الاستقراء إمّا بمعنى اللام فيما عدا جنس المضاف إليه وظرفه ، نحو : غلام زيد ، وإمّا بمعنى من ، في جنس المضاف نحو : خاتم فضة ، وإمّا بمعنى في ، في ظرفه ، نحو : ضرب اليوم. وإضافة العام من وجه إلى الخاص من وجه إضافة بيانية بتقدير من ، كخاتم فضة ، وإضافة العام مطلقا إلى الخاص مطلقا إضافة بيانية أيضا ، إلاّ أنّه بمعنى اللام عند الجمهور وبمعنى من عند صاحب الكشاف كشجر الأراك. ولفظية أي مفيدة للخفة في اللفظ وتسمّى غير محضة أيضا ، وعلامتها أن يكون المضاف صفة مضافة إلى معمولها ، مثل ضارب زيد وحسن الوجه ، وحرفها ما هو ملائمها ، أي ما يتعدّى به أصل الفعل المشتق منه المضاف نحو : راغب زيد ، فإنه مقدّر بإلى أي راغب إلى زيد إذا جعلت إضافته إلى المفعول ، وليست منها إضافة المصدر إلى معموله خلافا لابن برهان (١) ، وكذا إضافة اسم التفضيل ليست منها خلافا للبعض.
اعلم أنّ القول بتقدير حرف الجر في الإضافة اللفظية هو المصرّح به في كلام ابن الحاجب ، لكن القوم ليسوا قائلين بتقدير الحرف في اللفظية ، فعلى هذا ، تعريف الإضافة لا يشتملها. ففي تقسيم الإضافة بتقدير الحرف إلى اللفظية والمعنوية خدشة ، وقد تكلّف البعض في إضافة الصّفة إلى مفعولها مثل : ضارب زيد بتقدير اللام تقوية للعمل ، أي ضارب لزيد ، وفي إضافتها إلى فاعلها مثل : الحسن الوجه بتقدير من البيانية ، فإنّ ذكر الوجه في قولنا جاءني زيد الحسن الوجه بمنزلة التمييز ، فإن في إسناد الحسن إلى زيد إبهاما فإنه لا يعلم أنّ أي شيء منه حسن ، فإذا ذكر الوجه فكأنّه قال : من حيث الوجه ، هكذا يستفاد من الكافية وشروحه (٢) والإرشاد والوافي.
وعند الحكماء يطلق بالاشتراك على ثلاثة معان : الأول النسبة المتكررة أي نسبة تعقل بالقياس إلى نسبة أخرى معقولة أيضا بالقياس إلى الأولى ، كالأبوّة فإنها تعقل بالقياس إلى البنوّة ، وأنها أي البنوّة أيضا نسبة تعقل بالقياس إلى الأبوّة ، وهي بهذا المعنى تعدّ من المقولات من أقسام مطلق النسبة ، فهي أخص منها أي من مطلق النسبة ، فإذا نسبنا المكان إلى ذات المتمكّن مثلا حصل للمتمكن باعتبار الحصول فيه هيئة هي الأين ، وإذا نسبناه إلى المتمكّن
__________________
(١) ابن برهان : هو عبد الواحد بن علي ، ابن برهان الأسدي العكبرى ، ابو القاسم. توفي ببغداد عام ٤٥٦ هـ / ١٠٦٤ م. عالم بالأدب والنسب كان منجما ثم صار نحويا ، وكان حنبليا ثم تحوّل حنفيا. له عدة كتب. الاعلام ٤ / ١٧٦ ، فوات الوفيات ٢ / ١٩ ، تاريخ بغداد ١١ / ١٧ ، إنباه الرواة ٢ / ٢١٣ ، شذرات الذهب ٣ / ٢٩٧ ، بغية الوعاة ٣١٧ ، هدية العارفين ١ / ٦٣٤.
(٢) لكافية ابن الحاجب في النحو شروح كثيرة أهمها شرح رضي الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي ، وشرحها جلال الدين أحمد بن علي بن محمود الغجدواني وكذلك تاج الدين أبو محمد أحمد بن عبد القادر الحنفي (٧٤٩ هـ) ونجم الدين أحمد بن محمد القمولي (ـ ٧٢٧ هـ) وشمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني (ـ ٧٤٩ هـ) وشهاب الدين احمد بن عمر الهندي (ـ ٨٤٩ هـ) الى غير ذلك من الشروح والمطولات. كشف الظنون ٢ / ١٣٧٠ ـ ١٣٧٦.