باعتبار كونه ذا مكان كان الحاصل إضافة لأنّ لفظ المكان يتضمّن نسبة معقولة بالقياس إلى نسبة أخرى هي كون الشيء ذا مكان ، أي متمكنا فيه ، فالمكانية والمتمكّنية من مقولة الإضافة ، وحصول الشيء في المكان نسبة معقولة بين ذات الشيء والمكان لا نسبة معقولة بالقياس إلى نسبة أخرى ، فليس من هذه المقولة ، فاتضح الفرق بين الإضافة ومطلق النسبة ، وتسمى الإضافة بهذا المعنى مضافا حقيقيا أيضا. والثاني المعروض لهذا العارض كذات الأب المعروضة للأبوّة. والثالث المعروض مع العارض ، وهذان يسمّيان مضافا مشهوريا أيضا. فلفظ الإضافة كلفظ المضاف يطلق عل ثلاثة معان : العارض وحده والمعروض وحده والمجموع المركّب منهما ، كذا في شرح المواقف ، لكن في شرح حكمة العين أن المضاف المشهوري هو المجموع المركب ، حيث قال : والمضاف يطلق بالاشتراك على نفس الإضافة كالأبوّة والبنوّة ، وهو الحقيقي ، وعلى المركب منها ومن معروضها وهو المضاف المشهوري كالأب والابن ، وعلى المعروض وحده انتهى. قال السيّد السّند في حاشيته : الظاهر أن إطلاق المضاف على المعروض من حيث أنه معروض لا من حيث ذاته مع قطع النظر عن المعروضية ، لا يقال فما الفرق بينه وبين المشهوري لأنا نقول : العارض مأخوذ هاهنا بطريق العروض وهناك بطريق الجزئية.
فإن قلت الأب هو الذات المتّصفة بالأبوّة لا الذات والأبوّة معا ، وإلاّ لم يصدق عليه الحيوان. قلت المضاف المشهوري هو مفهوم الأب لا ما صدق عليه ، والأبوّة داخلة في المفهوم ، وإن كانت خارجة عمّا صدق عليه.
والتفصيل أن الأبوّة مثلا يطلق عليها المضاف لا لأنها نفس مفهومه بل لأنها فرد من أفراده ، فله مفهوم كلّي يصدق على هذه الإضافات ولذا اعتبرت الأبوة مع الذات المتصفة بها مطلقة أو معيّنة ، ويحصل مفهوم مشتمل على الإضافة الحقيقية ، وعيّن بإزائه لفظ الأب أطلق المضاف عليه لا لأنها مفهومه ، بل لأنه فرد من أفراد مفهومه ، فله معنى كلّي شامل لهذه المفهومات المشتملة على الإضافات الحقيقية. ثم إذا اعتبر معروض الإضافات على الإطلاق من حيث هي معروضات وعيّن لفظ بإزائه حصل له مفهوم ثالث مشتمل على المعروض والعارض على الإطلاق لا يصدق على الأبوة ولا على مفهوم الأب بل على الذات المتّصفة بها فكما أنّ مفهوم الأب مع تركبه من العارض والمعروض لا يصدق إلاّ على المعروض من حيث هو معروض فكذلك المفهوم الثالث للمضاف ، وإن كان مركّبا من العارض والمعروض على الإطلاق لا يصدق إلاّ على المعروض من حيث هو معروض ، فقد ثبت أنّ المضاف يطلق على ثلاثة معان وارتفع الإشكال انتهى.
تنبيه
قولهم المضاف ما تعقل ماهيته بالقياس إلى الغير لا يراد به أنه يلزم من تعقّله تعقّل الغير إذ حينئذ تدخل جميع الماهيات البيّنة اللوازم في تعريف المضاف ، بل يراد به أن يكون من حقيقته تعقّل الغير فلا يتم إلاّ بتعقل الغير ، أي هو في حدّ نفسه بحيث لا يتم تعقّل ماهيته إلاّ بتعقّل أمر خارج عنها. وإذا قيد ذلك الغير بكونه نسبة يخرج سائر النسب وبقي التعريف متناولا للمضاف الحقيقي وأحد القسمين من المشهوري ، أعني المركّب. وأمّا القسم الآخر منه أعني المعروض وحده فليس لهم غرض يتعلّق به في مباحث الإضافة ، ولو أريد تخصيصه بالحقيقي قيل ما لا مفهوم له إلاّ معقولا بالقياس إلى الغير على الوجه الذي