الاتحادين فإنّ اتحاده مع الجسم اتحاد عرضي بأنّ مبدأه كان قائما به ، فبهذه الجهة يتّحد معه ويحمل عليه ، واتحاده مع البياض اتحاد ذاتي لأن الشيء لا يكون خارجا عن نفسه بل اتحاده معه ذاتي بأنه لو كان البياض موجودا بنفسه بحيث لا يكون قائما بالجسم لكان أبيض بالذات ، فالأبيض عند هذا المحقق معنى بسيط لا تركيب فيه أصلا ولا مدخل فيه للموصوف لا عاما ولا خاصا ، ولهذا قال ذلك المحقق : إنّ المشتق بجميع أقسامه لا يدل على النسبة ولا على الموصوف لا عاما ولا خاصا ، هكذا في شرح السلّم للمولوي مبين. وأنت تعلم أنّ الأمر لو كان كذلك لكان حمل الأبيض على البياض القائم بالثوب صحيحا وذلك باطل بالضرورة ، مع أنه مستبعد جدا ، كيف ويعبر بالفارسية عن البياض «بسفيدي وعن الأبيض بسفيد». والحق أن حقيقة معنى المشتق أمر بسيط ينتزعه العقل عن الموصوف نظرا إلى الوصف القائم به.
فالموصوف والوصف والنسبة كلّ منها ليس علّة ولا داخلا فيه ، بل منشأ لانتزاعه وهو يصدق عليه ، وربما يصدق على الوصف والنسبة فتدبّر.
فائدة :
قال في الإحكام (١) ؛ هل يشترط قيام الصفة المشتق منها بما له الاشتقاق فذلك مما أوجبه أصحابنا ، ونفاه المعتزلة وكأنه اعتبر الصفة احترازا عن مثل : لابن وتامر مما اشتق من الذوات ، فإنّ المشتق منه ليس قائما بما له الاشتقاق ، فإنّ المعتزلة جعلوا المتكلّم [الله تعالى] (٢) لا باعتبار كلام هو له ، بل باعتبار كلام حاصل بجسم (٣) كاللّوح المحفوظ وغيره ، ويقولون لا معنى لكونه متكلّما ، إلاّ أنه يخلق الكلام في الجسم. وتوضيح ذلك يطلب من العضدي وحواشيه.
اعلم أنّ الاشتقاق كما يطلق على ما عرفت كذلك يطلق على قسم من التجنيس عند أهل البديع ، وقد سبق. ويقول بعضهم : الاشتقاق هو جمع كلمات في النظم أو النثر بحيث تكون حروفها متقاربة ومتجانسة بعضها مع بعض ، وأفضله ما كان مشتقا من كلمة واحدة نحو قوله تعالى : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ، وفي الحديث : «الظلم ظلمات يوم القيامة». ومثل : «البدعة شرك الشرك». وفي النثر : الإكبار الوافر للخالق الذي أكرمني بأنواع عوارف العرفان أنا العبد العديم الشكر المنكر للحق. وفي الشعر :
إذا وصل إلى من عطف قبولك ذرة |
|
فإنها تنقلني في الثروة من الثّرى إلى الثريا |
كما ورد في الشعر العربي قول القائل :
إنما الدنيا الدّواهي والدّواهي |
|
قط لا تنجو بلاهي والبلاهي |
وقال في جامع الصنائع : هذا خاص بالكلمات العربية ، ومثاله : الحكيم هو الذي يعلم أن الحكم المحكم لا يكون حقا لشخص ما (٤).
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام لسيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الآمدي (ـ ٦٣١ هـ). فرغ من تأليفه سنة ٦٢٥ ه. القاهرة ، مطبعة المعارف ، ١٩١٤ م. كشف الظنون ١ / ١٧ ، معجم المطبوعات العربية ١٠.
(٢) الله تعالى (+ م ، ع).
(٣) لجسم (م ، ع).
(٤) وبعضى گويند كه اشتقاق آنست كه از نظم يا نثر كلماتى جمع كرده شود كه حروف آنها در گفتار متقارب باشند ومتجانس يكديگر وبهتر آنست كه از يك كلمه مشتق باشند نحو قوله تعالى : «فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ». [ودر حديث : الظلم ظلمات يوم القيمة ومثل البدعة شرك الشرك. ودر نثر فارسي آفرين فراوان آفريننده را كه چندين عوارف عرفان در حق من ناسپاس ناحق شناس ارزاني فرموده. ودر نظم فارسي امير خسرو دهلوي فرموده. بيت.
گر ذرة ز مهر قبولت بمن رسد. |
|
در ثروت از ثرى به ثريا برد مرا. |
ودر شعر عربي نيز آمده :