وجود المعنى ، وبين تسميته لوجوده أي مع وجود المعنى فيه فيكون المعنى داخلا في المسمّى كما في القسم الأول ، فيطّرد في جميعها ، فاعتبار الصفة في أحدهما مصحّح للاطلاق وفي الآخر موضّح للتسمية.
فائدة :
المشتق عند وجود معنى المشتق منه حقيقة اتفاقا كالضارب لمباشر الضرب وقبل وجوده مجاز اتفاقا كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب ، وبعد وجوده منه وانقضائه كالضارب لمن قد ضرب [قبل] (١) وهو الآن لا يضرب ، فقد اختلف فيه على [ثلاثة] (٢) أقوال : أولها مجاز مطلقا ، وثانيها حقيقة مطلقا ، وثالثها أنه إن كان مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود فمجاز ، وإن لم يكن مما يمكن بقاؤه كالمصادر السيّالة نحو التكلم والأخبار فحقيقة ، ودلائل الفرق الثلاث تطلب من العضدي وحواشيه.
فائدة :
قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف في مبحث الماهية : اعلم أنّ في معنى المشتق أقوالا : الأول أنه مركب من الذات والصفة والنسبة وهو القول المشهور. الثاني أنه مركب من النسبة والمشتق منه فقط واختاره السيّد السّند ، واستدل عليه بأن مفهوم الشيء غير معتبر في الناطق ، وإلاّ لكان العرض العام داخلا في الفصل ولا ما يصدق هو عليه وإلاّ انقلب الإمكان بالوجوب في ثبوت الضاحك للإنسان مثلا ، فإنّ الشيء الذي له الضحك هو الإنسان وثبوت الشيء لنفسه ضروري. وأنت تعلم أنّ مفهوم المشتق ليس فصلا بل يعبّر عن الفصل ، وما ذكر من لزوم الانقلاب ففيه ذهول عن القيد مع أنّ دخول النسبة التي هي معنى غير مستقل بالمفهومية في حقيقة من غير دخول أحد المنتسبين فيها مما لا يعقل. والثالث ما ذهب إليه المحقق الدّواني من أنه أمر بسيط لا يشتمل على النسبة ، فإنه يعبّر عن الأسود والأبيض ونحوهما بالفارسية «بسياه وسفيد» ونظائرهما ، ولا يدخل فيه الموصوف لا عاما ولا خاصا ، وإلاّ كان معنى قولك الثوب الأبيض الثوب الشيء الأبيض ، أو الثوب الثوب الأبيض وكلاهما معلوم الانتفاء ، بل معناه أي معنى المشتق هو القدر الناعت المحمول بالعرض مواطأة وحده ، أي من غير أن يعتبر في الموصوف ولا النسبة ، بل الأمر البسيط الذي هو مفهوم المبدأ ، أي المشتق منه بحيث يصحّ كونه نعتا لشيء ، هكذا في شرح السّلّم (٣) للمولوي مبين (٤). وليس بينه وبين المشتق منه تغاير حقيقة فالأبيض إذا أخذ لا بشرط شيء فهو عرضي ومشتق ، وإذا أخذ لا بشرط شيء فهو عرض ومشتق منه ، وإذا أخذ بشرط شيء فهو ثوب أبيض مثلا.
فحاصل كلام المحقق أنه لا فرق بين العرض والعرضي والحمل (٥) حقيقة ، وإنما الفرق بالاعتبار كما بين الجنس والمادة ، فالأبيض إذا أخذ من حيث هو هو أي لا بشرط شيء فهو يحمل على الجسم ويتّحد معه ويحمل على البياض ويتّحد معه أيضا ، لكنه فرّق بين
__________________
(١) [قبل] (+ م ، ع).
(٢) [ثلاثة] (+ م ، ع).
(٣) شرح السلم أو مرآة الشروح للمولوي محمد مبين ، وهو شرح على سلم العلوم لمحب الله البهاري ، قازان ، ١٩١١ م. معجم المطبوعات العربية ١٨١٨.
(٤) المولوي مبين ، محمد مبين المولوي ، هندي الأصل توفي ١٢٢٥ هـ / ١٨١٠ م. عالم بالمنطق ، له عدة شروحات وكتب.
الأعلام ٧ / ١٨ ، معجم المطبوعات العربية ١٨١٨.
(٥) المحل (م).