وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظّم
عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة ، وتخبره أنَّه إنّما يُساق
الى مصرعه ، وتخبره وتقول :
[ص٢٠٢] : أشهدُ لحدّثتني عائشة أنّها سمعتْ رسول
الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «يُقتل حسين بأرض بابل»
.
إن تدخّل هذه المرأة في الأمر غريب ، والنساء
الأكبر منها قدراً والأكثر منها معرفة وحديثاً حاضرات ، والأغرب أنّها «تأمر» الإمام
(عليه السّلام) «بالطاعة ولزوم الجماعة» ، وهذه اللغة إنّما هي لغة الدولة ورجالها
والمندفعين لها ، ولا أستبعد أن يكون وراء تحريك هذه ـ وهي ربيبة عائشة والراوية
لحديثها ـ أيد عميلة للدولة.
وقد كان جواب الإمام (عليه السّلام) لها
إلزامها بما رَوَتْ ، فلما قَرأ كتابها قال : «فلا بُدّ لي إذاً من مَصْرعي» ، ومضى
(عليه السّلام).
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث
بن هشام ، فقال [ص٢٠٢] : إنّ الرحم تُصارّني
عليك ، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟
قال (عليه السّلام) : «يا أبا بكر ، ما
أنت ممّن يُستغشَّ ولا يُتَّهم ، فقل».
قال : قد رأيتَ ما صنع أهل العراق بأبيك
وبأخيك ، وأنت تريد أن تسير إليهم ، وهم عبيد الدنيا ، فيقاتلك مَنْ قد وعدك أن
ينصرك ، ويخذلك من أنت أحبّ إليه ممّن ينصر ، فاذكّرك الله في نفسك .
____________________