نَبيِّكُم.
وحسبُنا الله وعليه توكّلنا وإليه أنَبْنَا وإليه المصيرُ».
إنّ هذا الموقف يعتبر أقوى معارضة علنية أقدم عليها الحسين (عليه السّلام) في مواجهة معاوية وإجراءاته الخطرة التي دأب طول حكمه ـ بعد استيلائه على أريكة الحكم في سنة (٤٠) للهجرة ـ على العمل بكلّ دهاء وتدبير لتأسيس دولته المنحرفة عن سنن الهدى والصلاح والتقى ، فحاول في الردّة عن الإسلام إلى إحياء الجاهليّة الأُولى بما فيها من الظلم والعصبية والتجسيم لله ، والقول بالجبر والإرجاء وما إلى ذلك من الأفكار التي تؤدّي إلى تحميق الناس وإخماد جذوة الحركة الثورية الإسلاميّة ، والتوحيدية الإصلاحية.
فكانت حركة الحسين (عليه السّلام) ، وبهذا الأُسلوب المحكم الرصين ، وفي الزمان والمكان المنتخبين بدقّة ، أوّل معارضة معلنة ضّد كلّ الإجراءات تلك.
وإن كان الإمام الحسين (عليه السّلام) لم يكفّ مدّة إمامته عن مواجهة معاوية بشكل خاصّ في القضايا الجزئيّة ، وفي اللقاءات الخاصّة ، لكنّ هذا الإجراء العظيم اعتبره رجال الدولة ثورة مُعْلنة ، وتحرّكاً سياسياً خَطِراً على الدولة ، ومؤدّياً إلى تبخير كلّ الجهود والآمال والطموحات التي عملوا من أجلها طوال عشرين سنة من حكمهم الفاسد.
معاوية بين فكّي الأَسَد :
كان من مخطّطات معاوية مخالفة كلّ التراتيب الإدارية الإسلاميّة حتّى في شكل تعيين الخليفة خارجاً عن جميع الآراء حتّى تلك التي عملها الخلفاء قبله ، فَعَمَد إلى تجاوز سنن الّذين سبقوه كلّهم ، فلا هو عمل كما فعل أبو بكر في العهد لعمر من بعده ، ولا عمل مثل عمر في جعلها شُورى ، ولا أرجع الأمر إلى أهل