بناها جَدِّي لتُعانِق الغَد بحِلَّةٍ مِن فَخار!!!
ولقد خضناها في صِفِّين بذات النمط ، وما كِدنا نحسب أنَّنا ربحناها حتَّى انهزمنا هزيمة أُخرى لها جَعجعة أكرب مِن جَعجعة الجمال ، لقد جَعجع فيها عمرو بن العاص ، وأبو موسى الأشعريُّ ، بعد أنْ تكلَّم الاثنان باسم الرسالة التي هي رسالة جَدِّي ، يا للحُروف!! كيف يهرب منها النور؟! فتتعتَّم أوجاراً وأوكاراً للمناجذ والجُرذان!!!
أُترانا جزعنا مِن فَظاعة المَعمعة؟! وتهيَّبنا هدر الدَّمِ؟! واعتصمنا بعمليَّة حَقنه حتَّى لا يبقى للأُمَّة شيء مِن رَمق نُعالج نحن به مصيرها ، ونعود فنرتق فتقه ، ونرسم له خَطَّاً يعوله في طالع الغَد؟! لقد ركبنا المَركب هذا في ترجْرُجه فوق اليمِّ ، ولكنَّ النتيجة جاءت محمولة على مركب آخر ما استضاء ، وهو يقطع ظُلمة الليل فوق مُعترك المَوج إلاَّ بوميض كانت ترتجف به البروق في رعود العواصف والزوابع!!!
لقد كانت معركة النهروان ، تنهَّد بها الخوارج ، في زعمهم أنَّ حَقن الدم مُميت أكثر مِن تفجيره ، وهذا كان ضوءهم في الليل البهيم! ورحنا إليهم حتَّى نهزم فيهم الفوضى التي تُعتِّم على الإمامة دربها إلى المُعالجة والتصحيح ، ولكنَّنا ما هزمناهم حتَّى شعرنا أنَّ الأُمَّة بكاملها هي المهزومة فينا ، فدمها دائماً هو المهدور ، ووحدتها هي المفروطة ، وقبائلها هي المُستدعاة إلى أخذ الثار ، ثمَّ إلى الثار مِن الثار ، أمَّا الهزيمة الأخيرة ، والتي هي لنا فجيعة ، فهي التي أخذنا لها الثار مِن هذا المُسمَّى : ابن مُلجم!!!
ما كاد الإمام الحسن ـ وهو الآن خليفة أبيه في انتقال الإمامة ـ يصل إلى مثل هذه المُعاناة ، تحت وطأة ثقيلة مِن الاستعراض الشامل للأوضاع التي أوصلت الأُمَّة